بسم الله الرحمان الرحيم وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما ورضي الله عن سيدنا القطب المكتوم وجميع من انتسب إليه من الأشراف والأحباب بأي انتساب كان فهو ان شاء الله من الفائزين.

أيها الحضور المبارك أرقى التحيات والتقدير القلبي الصادق للخليفة بالديار المغاربية سيدي محمد الكبير التجاني رضي الله عنه وأرضاه أدام الله نوره وعزه ونفعه للناس عامة وللفقراء والمريدين التجانيين خاصة. وأحيي سيدنا سيدي أحمد بن سيدي بنسالم شرفنا، اللهم لك الحمد ولك الشكر لا يتم الفرح ولا تتم الأنوار والرحمات والبركات إلا بحضور أمثالكم سيدي هذا من القلب إلى القلب، نحمد الله على هذه الفرصة الطيبة.

أيها العلماء والمقدمون والأحباب المحبون لهذا الطود العظيم نفعني الله وإياكم بحسن اتباعه وصدق محبته آمين.

وايتها الأسرة البعقيلية من الأولاد والاحفاد ذكورا واناثاً صغارا وكبارا نقول لكم إننا نحبكم لله وفي الله، أدام الله عزكم وزاد من إعلاء قدركم وحفظكم بما حفظ به الذكر الحكيم وأنال من أحبكم لله وأحبكم لابيكم وجدكم هذا العَلَمِ الهمام، أنال من أحبكم من بركات الخفاء والأخفى التي هي من جملة مقامات أنفاسكم الطاهرة وما ورثتموه من خلفاء هذا السند الخليفة الأشهر والعلم الأنور سيدي الحاج الأحسن رضي الله عنه وأرضاه – لقائل أن يتساءل عن لفظ الخليفة؟ فهو لفظ نبوي، لفظ من النبي صلى الله عليه وسلم، يقول صلی الله عليه وسلم في كل عالم وولي وطائع لله: إذا قرأ الرجل القرآن، واحتشى من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت هناك غريزة، كان خليفة من خلفاء الأنبياءوقال صلى الله عليه وسلم اللهم ارحم خلفائي الذين يأتون من بعدي، الذين يروون أحاديثي وسنتي ويعلمونها الناسسماهم خلفاء صلى الله عليه وسلم يروون الأحاديث ويعلمون سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال صلى الله عليه وسلمألا أدلكم على الخلفاء مني ومن أصحابي ومن الأنبياء قبلي؟ هم حملة القرآن والأحاديث عني وعنهم، في الله وإليهإذا صدق هذا الإخلاص فكل واحد من هذه الصفة فهو خليفة من خلفائه صلى الله عليه وسلم، وقال صلى الله عليه وسلم: العلماء مصابيح الأرض، وخلفاء الأنبياء، وورثتي وورثة الأنبياء

إذا هذا الخليفة المكرم الأحسن البعقيلي هو حامل بل هو خادم للقرآن والحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن أصحابه في الله وبالله والى الله بكل إخلاص، صدق عليه لفظ الخليفة وما أدراك ما الخليفة رضي الله عنه وأرضاه، وكتبه تشهد بعمله الجبار لصالح الأمة والتجانيين أحباب الشيخ وأحباب رسول الله فنرى كثيرا ممن يتحدث عن البعقيلي منتقدا أو معتقدا، هذا عادي فلا بد لكل رجل ولكل عالم ولكل إمام كل إنسان لا بد له من منتقد ومعتقد، ولكن في علم الدين وفي علم خدام أمة رسول الله صلى الله عليه وسلم من أراد أن ينتقد فلينتقد على علم وبأدب، فإذا لم يقرأ له ما حبر فيه جفونه وأسهر فيه لياليه محبة في أمة رسول صلى الله عليه وسلم ولا علم حتى عناوين كتبه ورسائله فلا يحل له أن ينتقد هكذا، ومن أسباب الانتقاد فضلا عن عدم إتقان قراءة ودراسته ما ترك من آثار مكتوبة وتلامیذ في العالم أجمع وصیت بالغ في الآفاق، من أسبابه كما قال سيدي مصطفى الان هو عدم قبول شجاعته، لأن هذا الرجل شجاع مقدام يمكن أن يخالفك الرأي أو يخالف أجلة في الطريقة التجانية أو الإسلام لكن هي مخالفة وليس خلاف على حسب أنوار هؤلاء الأئمة فقط، كل واحد يرى بدرجة نور معينة، فله ذلك بكل أدب مع تمام إحترامهم، وسنرى ما سيقول في كتب الطريقة وفي خلفاء الطريقة رضي الله عنهم، كتاب الإراءة قال فيه هذا الكتاب هو قاموس الطريقة والطرق كلّها (الشرب الصافي) ولم أكتب فيه حرفا الا باذن منه صلى الله عليه وسلم، سيدي الحاج قمار يقول “هو باش يكذب على النبي” حاشى أصحاب سيدي أحمد رضي الله عنهم، وهذه جملة قاموس الطريقة فيها كلام نفيس لكل من أنصف وأما من لم يتأمل فربما يظنه استنقاص مرتبة أو كتاب أو تربية، حاشاه من هذا قال رضي الله عنه : وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ.. فلا تفهم ان الاولياء يزكون انفسهم فتقيس نفسك عليهم فانهم قد زكاهم الله قبل وجودهم (لا يزكي أحد نفسه، الله هو اللي زكاهم، الله هو اللي عظم هؤلاء السادات رضي الله عنهم) انظر الرماح لحجة الله في ارضه للفوتي وانظر البغية لسيدي العربي بن السائح الذي اجمع المسلمون على فضله وانظر جواهر المعاني وانظر كتابنا الاراءة وانظر الخريدة والميزاب (انظروا صفاء هذا الرجل ومحبته لكل من انتسب للشيخ رضي الله عنه من عالم وكاتب فيدرج كتابه كانهم اخوة – انظر كتابنا الاراءة فهو من جملتهم) والجيش وانظر جواب المسكت وكل كتاب أُلِف في الطريقة تر عجبًا فنقول إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ضمن له ما ذكره لاصحابه ولا يحل لنا غيره وغيرهم من الأصحاب الذين لم يؤلفوا أو لم تشتهر كتاباتهم  الذين اشتغلوا بالتربية مثل الامام التماسيني رضي الله عنه وأرضاه الذي تصدر للتربية في الطريقة فظهر علیه فیضان وجداني لم يوجد مثله الا في كمّل المشائخ فصار الناس یاتونه من سائر الافاق للأخذ عنه والتبرك بهنفعنا الله ببركاته اهـ (الاراءة)

المقصود من كلامي هذا هو أن لمّ الشمل واجب على الجميع ونكران الذات أمر لا مفر منه لمن أراد ربح الأمة وخلاصها، والنبي صلى الله علیه وسلم لم يزل يوصي بهذا المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره بحسب امرء من الشّرّ أن يحقر أخاه المسلم كلّ المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه ” “المُؤْمِنَ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًاقال الامام البعقيلي يشد بعضه بعضا بكلامه وعلمه وتربيته وجاهه وسره …

فهل نحن منتهون وهل نحن مستمعون وهل نحن راجعون وقد أوضح لنا ما صلى الله علیه وسلم أنه لم يبعث لعانا ولا صخابا ولافحاشا وليس ذلك في الإسلام من شيء فضلا أن يكون في طريقة الإحسان الطريقة التجانية.

وما كتب رضي الله عنه ما كتب إلا وهو متواضع تمام التواضع معظّما لجميع الخلفاء والعلماء في الطريقة ناشرا لفضلهم شاهرا لسرهم متواضعا مع جميع الأحباب، ليس إلا مع العلماء، خادما  لهم لا غير دافعا في أمة رسول الله صلى الله عليه وسلم البشر والبشائر والتبشير لما يؤول إليه أمرها من الربح التام على يد هذا النبي الكريم صلى الله عليه وسلم وهذا الشيخ العظیم. قال في الإراءة وإنّما تركت النّقل (أي من الجواهر) منه حياء من أن أنقل كلامه المؤيّد بأيدي النّبوءة إلى كنّاشنا الذي هو باعتباره من قبيل الهذيان والخرافات وإنّما تعرّضت لما تعرّضت له وإن كان كلّ ما قلته هنا يفهم في كلّ كلمة منه رغبة في أن أحوم حول جناب الشّيخ رضي الله عنه (كأنه يقول أردت أن أشم رائحة الشيخ رضي الله عنه سيدي أحمد التجاني، أنظروا إلى هذه المحبة وهذا الذوق الرباني لهذا الرجل) «وَمَنْ قُدِرَ عَليْهِ رِزْقَهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللهُ»  فلو كان لا يؤلّف إلا من رسخ لتركت الدواوين استغناءً بكتاب الله وبحديث رسول الله صلّى الله عليه وسلم فأصح ما عندنا في الطريقة جواهر المعاني ثم بغية المستفيد بحسب الأصل وكل يسرح بقدر قوته وغنمه وهذا إنما هو مصة أيدتني بها أيدي الدائرة الفضلية والعلم بمدارك السلوك إجمالاً وتفصيلاً في ميزاب الرحمة لأبي عبيدة رضي الله عنه ونحن متكلمون بما عندنا من الفهاهة والركاكة والغيّ محبة للعوم في شاطئ أمواجهم قنعًا بمغفرة الله أن حسبنا أربعين لجة مكبرينفإنّنا عجميّون طبعا وذاتا ولغة  (الاراءة)….. ومقصودنا الإشارة إلى قوة هذه الطريقة (ومرتبة سيدي أحمد التجاني رشي الله عنه) وأفضليتها عن غيرها (لأنها باذن نبوي) فإنها مشحونة بالعلماء الراسخين الثابتين كصاحب الجيش وصاحب الميزاب وصاحب الرماح وصاحب الجواهر وصاحب العنبرية السيد إبراهيم الرياحي والسيد محمد الحافظ وغيرهم ممن لا نحصيه فهم عدول قابلوا هذه الطريقة بالقبول فأخذوها وربحوا ومدحوها نظمًا ونثرًا وهو أدل دليل على صحتها ومتانتها ووفور أهلها وأنه لم يقع لأحد مثل ما وقع للشيخ رضي الله عنه من الأتباع الكمّال الحمّال للشريعة فلنكتف فإن المقام عال عن الإشارة فضلا عن التصريح (الشرب الصافي)، هذا الكل حبيت نظهر قوة الشيخ رضي الله عنه، لا أتحدى أحدا خاصة من ساداتنا  العلماء والأحباب في الطريقة والمسلمين عامة إلا أن الله أعطاني هذا الذوق وهذا الفتح الرباني من عند سيدي أحمد التجاني رضي الله عنه وأرضاه، فأفرح عندما أقربه لشواطئ فهم ساداتنا الأحباب. وقال في الاراءة وتقّدم لنا أنّي ما ألّفته إلاّ عبرة لغير هذه الطائفة السّنيّة أو لضعيف مثلي من الأولاد وأمّا أصحاب سيّدنا رضي الله عنه فقد ألّف في الطّريقة ما يناسبهم وهو الجواهر والجامع والبغية على المنية والميزاب في التّربية وترياق القلوب والخواتم الذهبيّة وغيرها وتقييدنا إنّما هو استطراد تبرّكا بإلزام القلب خدمة طريقة سيّدنا رضي الله عنه وأهلها رضي الله عنهم وأمدّنا بأنوار إيمانهم فكلّ واحد من العلماء رضي الله عنهم يؤلّف بحسب بضاعته لا استيفاء للشّريعة (ليس هناك أحد كمل الشريعة الكل أخذها زقال لا يقول أحد بعدي ما أقول، أبدا، إنما العلم كبحر زاخر (ما حوى العلمَ جميعًا أحدٌ • لا، ولو مارسه ألفَ سنهْ إنما العلمُ كبحرٍ زاخرٍ • فاتخذ من كل شيءٍ أحسنَهْ!) هذا من جملة تواضعه رضي الله عنه.

وربما ينتقد البعض على كتابه الشرب الصافي على الكرم الكافي حاشية على جواهر المعاني فقد أتى فيه بعجيب المقاصد على الجواهر، يأتي يلفظ الشيخ رضي الله عنه في الجواهر “قوله” ثم يأتي بشيء في ظاهره كأنه مخالف وهو ليس بمخالف قال رضي الله عنه أردت أن أظهر مقصود الشيخ رضي الله عنه لأن سيدنا الشيخ رضي الله عنه كتب في زمان فيه التصوف وفيه العلماء وفيه وفيه …  لكن أشار إلى ما احتوى عليه الباطن، لكن لما أحرق الجواهر وعلم وفهم من اذن رسول صلى الله عليه وسلم اختلاف المرتبتين، الطريقة الأولى والطريقة الثانية فرده الرسول صلى الله عليه وسلم إلى طريق الصحابة رضي الله عنهم وهو التجريد التام مما سوى الله والتربية بالسنة النبوية فأمر باحراق الجواهر ثم أعاد كتابته على هذا المنوال يقول سيدي الحاج محمد قمار رضي الله عنه “الجواهر راهو معروف، بحر ولكن في البحر أبيار وفي الأبيار جواهر أخرى كأنها بينك وبينها -ناموسية- إذا تأملت من وراء الثقب ترى شيئا آخر” لهذا قال أنا كتبته وكتبته بإذن سيدنا محمود بن سيدي البشير رضي الله عنهما هو الذي أشار علي أن أتكلم فيه  وهو قال مسألة أتممتها منذ عشر سنوات فأعدت كتابتها.

وأوضح رضي الله عنه أن كل ما في الجواهر انما هو لفظ الشيخ حرفا بحرف وأن هذا الكتاب هو كتاب الشيخ وكتاب النبي صلى الله عليه وسلم نقحه سيدنا ومولانا الشيخ رضي الله عنه وكتب بخط يده المباركة أوله وآخره وأجاز فيه (سيدي الحاج علي حرازم إذا هو كتاب سيدي أحمد التجاني، أجازه فيه، المجيز هو كتابه، رضي الله عنه سيدي أكانون أجاد وأفاد في جواهر طبعة المغرب خاصة المقدمة 70 صفحة ، جازاه الله عنا كل خير) وليس بكتاب سيدي الحاج علي حرازم بعد التنقيح بيده لمؤلفه الذي هو أعجوبة الزمان ولم ينسج أحد على ما منواله فكل حرف في الجواهر نقحه الشيخ فصار الكتاب له لا لمؤلفه فإنه أجاز له فيه وإنما هو نائب عنه خلافا لما يزعمه من لا يد له في العلوم الرسمية والنقلية ولم يميز شهادة زور من شهادة صدق (ليس هناك كتاب بعد كتاب الله وكتب السنة مثل الجواهر)  فإنه قصد إبطال الكتاب بمال أخذه من اليهود (هكذا قال رضي الله عنه، أو كل كافر يريد أن يطعن في الإسلام) لما رأوا الطريقة قويت وشبت وراجت وفاضت وأسدلت وأينعت وأربحت الأنجاد والسهل والجبل حسدوا فرتبوا عليها مرتبات سحتية لمن أدخل فيها سبا وفتنة لكن الطريقة معصومة ثابتة بعلمائها وقوة أنوارها وضمانات نبوية (ترياق لمن فسد قلبه ومزاجه) فكل ما يوجد من سب وشتم وطعن لا بد للمسلمين والاحباب في الطريقة أن ينتبهوا إليه ويتجنبوا هذا المنحى وينتبهوا لما ينشرون وما يقولون، فهؤلاء كلهم أشياخنا وأشياخ الأمة.

رجعنا إلى نفس المسالة أصل الإسلام وأصل الـدين وأصل الطريق وأصل ادب العلماء وخاصة أهل الله سبحانه وتعالى …

ثم في الشرب الصافي مسائل جديرة بكل الاهتمام وربما یرى فيه البعض خروج عن الجواهر ويرى هو رضى الله عنه أن ذلك هو مقصود الشيخ رضي الله عنه فقد قال فاقرؤوا  كتب الشيخ بعد موته فأنا لك منه لسانه وترجمانه لله الحمد  وقال وما رأيت من عرف أهل الطريقة مثل من طالع كتبنا فإنّي لا أقول فيهم إلا ما تحقّقناه بعيون العيان (النفحة الربانية)

قال لي سيدي محمد القمار “الذي لم يقرأ كتب البعقيلي ينقصه قوة في الطريقة“. لا يلام على هذا الكلام، يسلم له في هذا الكلام.

المهم من هذا كله هو إصلاح النيات في علمائنا الافذاذ وفي خلفاء ومقدمي شيخنا رضي الله عنه وعنهم جميعا وكذا في بعضنا البعض معشر التجانيين الذين أعطاهم سيدنا الشيخ رضي الله عنه لأجله هو مرتبة تناهت في العلو لا يعلمها أحد هذا من فضل الله سبحانه وتعالى ما داموا على العهد وذكر الوضيفة جماعة وما داموا على أورادهم والمحافظة على صلواتهم فإن لهم من الله سبحانه وتعالى ببركة هذا الشيخ العظيم أمر لا يعرف إلا في الآخرة.

ثم هناك تحديات أخطر مما تحدثنا فيه وهي تحديات الواقع، تحديات خطيرة تحيط بنا كلنا وأولادنا لم يعودوا يتعلمون لم يعودوا يستطيعون التركيز على العلم منشغلين بالهواتف الجوالة ومستقبلنا وزواوينا ومساجدنا مثل الخمر والقمار والربى والمخدرات والمسخ الثقافي والغزو التاريخي ومسخ الهوية وبث الشكوك في العقائد الإيمانية وعقوق الوالدين بل بغضهم وحب المال والكسل وكثرة النوم وكسر العائلة وبث الكره والبغضاء بين المرأة والرجل الخ.. مصائب مدروسة لكسر الدين. فكيف نسقط وننزل وصايا أشياخنا على أرض الإصلاح والواقع حتى نقوم بالطفل والشاب وأنفسنا؟ هذا عمل الزاوية وكل من انتسب للعمل، كيف نعمل على الربط بين الزاوية والصلاة والذكر والإطعام وعلوم الدين وبين مستجدات العصر ورفع الوعي وغرس الهمم العالية ولمّ الشمل والجمع على العمل الصالح واحترام بعضنا بعض والعمل الاجتماعي وخلق موارد الرزق و تقوية الحرف…

هذه كلها مواضيع لا بد للمشرفين على الزوايا وخاصة الشباب أن يتطرقوا لها ويعملوا على النهوض بها وتنشيط العمل الجماعي والله الموفق لما يحبه ويرضاه، واخواكم في تونس على تواصل واستعداد للتعامل مع جميع الاخوان والمقدمين والمشارب لرفع راية الدين والدنيا للمسلمين ونحن مجتهدون في هذا الباب. وجازاكم الله عنا كل خير

سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ. وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ. وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ

والمقصود بكلمتي هاته هو بعض تقرير على هذا العالم الجليل سيدي الحبيب. سيدي الحبيب إن هاته الأسرة البعقيلية بل أقول تجانية لأن التجاني ومحبة الشيخ التجاني في جده وفيهم بلغت هذه المحبة الى النخاع وصاروا مفخرة لنا نحن أبناء الشيخ التجاني ونباهي بهم الطرق الأخرى والشيخ التجاني يباهي بجده مشائخ آخرين والحمد لله بل أقول وأكررها الأسرة البعقيلية التيجانية والحمد لله هاته الزاوية المباركة لازالت دروس العلم والتربية ونرى الحمد لله بأن الشباب يقبلون على الطريقة في هذا المكان المبارك ولنا بها إتصال منذ نعومة أظافرنا والحمد لله 

أما قولي عن سيدي الحاج الأحسن البعقيلي فهو غني عن التعريف ولكن نحن هنا نتدارس وسماع كلامه ومغزاه في كتبه فكل لبيب يجب عليه أن يقرأ ما وراء السطور لأن العلم ينقسم إلى ثلاثة علوم كما كان عن النبي صلى الله عليه وسلم،  علم منع صلى الله عليه وسلم أن يبوح به إلى أي كان من الخلق وهو الذي قال فيه الله سبحانه و تعالى “فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى” (النجم 11) خاص به صلى الله عليه وسلم، وعلم خير رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعطيه من شاء من أمته وهو هذا العلم الذي يتمتع به هذا الرجل وما أفاض الله سبحانه وتعالى على قلبه من الأنوار تحت مظلة الشيخ التجاني فباح فإنما هو بوق من أبواق الشيخ التجاني رضي الله عنه هذا ما نعتقده، وعلم أمر رسول صلى الله عليه وسلم أن يبلغه لجميع أمته ألا هو العلم الشرعي الذي ندرسه في كتب الفقه وفي السنة وفي كتاب الله سبحانه وتعالى هذا هو المقصود وهذا العلم الذي باح به هذا الرجل وهو علم لا ينتهي إلى قيام الساعة يقول ربنا سبحانه وتعالى في كتابه قل وهو فعل أمر قل يا محمد قل ﴿ قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا﴾ (الكهف:109)

﴿ قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ ۖ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا﴾  (الكهف: 110)

قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى، يوحى هذا هو اللغز يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ ۖ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا

ويقول الإمام البصيري:

وكلهم من رسول الله ملتمس * * * غرفاً من البحر أو رشفاً من الديم

وكيف يخفى عن عقولنا عندما نقرأ جوهرة الكمال في مدح سيد الرجال ونقول والأرباح المالئة كل من تعرض لهذا البحر بحر رسول الله صلى الله عليه وسلم يأخذ على قدر طاقته والأرباح المالئة لكل متعرض من البحور والأواني فالذي عنده بحر يأخذ من رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي عنده آنية صغيرة يأخذ من رسول الله صلى الله عليه وسلم وكلنا نجتمع في ذكر الله والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما نقرأ الوظيفة وذلك كله محبة في رسول الله صلى الله عليه وسلم فماذا نطلب من وراء هذا الاجتماع؟ 

نطلب معرفة النبي صلى الله عليه وسلم بقولنا صلاة ولماذا نطلب هذه الصلاة؟ صلاة تعرفنا بها إياه في مقام المشيخة في مقام التربية المريد عندما يجلس بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم في الوظيفة فهذا هو اعتقاده وهذا ما أخبرنا به شيخنا التجاني رضي الله عنه فنحن والحمد لله صوفية ولنا شيخ نتبعه وهذا ما يدلنا عليه مشائخنا مثل الشيخ سيدي الحاج الأحسن البعقيلي 

أساس كل هذا الدعوة إلى الله قل هذا أيضا فعل أمر قل يا محمد قل “وقُلْ هَٰذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ ۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي ۖ وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ” (يوسف 108) 

قُلْ هَٰذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ ۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي”  من هؤلاء الذي اتبعوه هم هؤلاء الأقطاب الذين اقتبسوا من نور رسول الله صلى الله عليه وسلم يأخذون العلم اللدني الذي يتقرب به العبد إلى الله سبحانه وتعالى فالعلم الظاهر هو فرض عين على كل مسلم هو الأساس ولكن العلوم اللدنية التي تفيض من ذات رسول الله صلى الله عليه وسلم تتلقاهم ذوات الأنبياء وكل هاته العلوم اللدنية التي تفاض من ذوات الأنبياء تتلقاه ذات الشيخ أحمد التجاني رضي الله عنه يتلقاها وهؤلاء هم نوابه ومترجموه وينشرون العلم اللدني بالتربية وبتهذيب النفوس وشفاء النفوس وشفاء النفوس من الأمراض التي  هي في هذا العصر. 

جاءني أحد الناس فصار ينتقد التصوف نعم إنه لا يعرف التصوف حقيقة فقلت له يا رجل ليس هنالك في هذا الزمان من يخاف على أصحابه من الشرك مثلما يخاف الشيخ التجاني على أصحابه فنحن نجدد التوحيد مع الله سبحانه وتعالى لأننا نعلم أن لا نافع ولا ضار ولا معطي ولا مانع إلا الله نجدد التوحيد صباحا بقولنا لا إله إلا الله مائة مرة كل يوم ومساء بتجديد التوحيد بقولنا مائة مرة لا إله الله وفي الوظيفة مائة مرة لا إله إلا الله فمن يأمر أصحابه بهذا الفعل هل يمكن أن نضعه في خانة الشرك؟ 

كلمة هذه نوجهها للشباب الذين لا يدركون ما هو التصوف ولا يعرفون ما هو دور المشائخ وما هو دور الطريقة التجانية. الشيخ المربي لا يمكن للإنسان أن يجده هكذا لأن الشيخ المربي له علامات والإنسان إذا رأى نفسه وما هو عليه من المعاصي ومن الذنوب وكل نفس يقربه من الله سبحانه وتعالى وللقاء الله سبحانه وتعالى فيباين بالبحث عن الدواء والذي يداوي هو الله سبحانه وتعالى فإذا صدق في الطلب في طلب شيخ التربية وفي طلب الطبيب وجب عليه أن يتوجه لله سبحانه وتعالى لأنه الله سبحانه هو النافع الضار فإذا علم الله ما في قلوبنا خيرا هو الذي يأذن لذلك الطبيب أن يبحث عن هذا التلميذ عن المريض هذا ما نلمسه في كتاب الله سبحانه وتعالى، ونحن نعلم قصة سيدنا موسى مع سيدنا الخضر قصة معروفة في كتاب الله كلنا نعرفها فشيخنا التجاني عندما أراد الله سبحانه وتعالى أن يلقيه بتلميذه صاحب الجواهر كان قبل ذلك سيدي الحاج علي حرازم هو الذي يطلب الله ليلا نهارا من أن يخلصه مما فيه من الذنوب ومما في قلبه من الأمراض وعندما أخلص في الطلب أذن للشيخ التجاني رضي الله عنه أن يسافر له وهذا معلوم وكذلك القصة مع الشيخ سيدي إبراهيم الرياحي شيخ الإسلام مع سيدي الشيخ الحاج علي حرازم فهذه مسألة عظيمة. 

ونرى في صاحب هاته الذكرى المباركة التي نشكر الله سبحانه وتعالى ونشكر له ما سنه من سنة حسنة في اجتماع هؤلاء الأحباب من تدارس سيرة هذا الرجل  لنا في تاريخه وفي قصصه كان يسافر للأحباب وكان مهاجرا إلى ولرسوله لنشر العلم وما ترك مكانا إلا وسافر إليه لإحياء كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فالحمد لله نرى الآن في هذه المجالس في هاته الزاوية المبارك ما يؤكد ما كان عليه من نشر العلم ومن نشر المعرفة ولكن هاته الكلمة أتكلم فيها بالنسبة للأحباب ليعرفوا قيمة هذا الرجل فنحن لسنا في ذكر حياته يجب أن نتدارس فعله و ما كان يفعله لننتفع بما كان يفعل فهو أدرك سر الشيخ رضي الله عنه هذا لا نشك فيه وهاته البركة التي كان عليها هي بركة الشيخ رضي الله عنه وكما وصلني في كلامه أنه رضي الله عنه وأرضاه كان هائما في محبة الشيخ وقال بأنه باع نفسه للشيخ  وبايعه ظاهرا وباطنا وذاته انطوت في ذات الشيخ هذا كلام لا يصدر عن إنسان طبيعي فهؤلاء هم صفوة الخلق ولا أقول هذا الكلام هكذا ولكن أقول الحقيقة الحقيقة الملموسة عند جميع الناس فكل من قرأ كتب هذا الرجل يعلم جيدا بأن هذا الرجل داعية داع الى الله سبحانه وتعالى هذا هو كان ديدنه وكانت حياته كلها في خدمة الإسلام وفي خدمة المسلمين.

والكلمة التي قالها هذا العالم الجليل سيدي الحبيب نرى فيها كثيرا من المعاني وكثيرا من الألغاز نرجوا الله تعالى لجميع الأحباب أن يدركوا ما أراد أن يقوله هذا الرجل وأن يدركوا بأن هنالك سطور تقرأ بالقلب لا تقرأ بالسمع وهذه السطور هي أهم ما في الأمر نسأل الله سبحانه وتعالى أن يفتح بصائرنا وأن يثبتنا على هذه الطريقة طريقة الشيخ سيدي أحمد التجاني وأن يجعل هذه الأسرة خير خلف لخير سلف آمين وأن يبقى هذا السر وهاته الأنوار في هاته الزاوية وفي هاته الأسرة وأن يبارك في أعمارهم وأن يبارك في أعمار خليفة هذا الرجل ونسأل الله سبحانه وتعالى أن  يوفقنا وإياه للخير وأن يجعلنا ممن اتبع هذا الشيخ لوجه الله سبحانه وتعالى لا للغرض بجاه رسول الله صلى الله عليه وسلم والخاتمة للخليفة 

اللهم صل على سيدنا محمد الفاتح لما أغلق والخاتم لما سبق ناصر الحق بالحق والهادي الى صراطك المستقيم وعلى آله حق قدره ومقداره العظيم سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين 

 

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمان الرحيم، والصلاة والسلام على سيّد المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

 أيّها الإخوة المؤمنون أحييكم بتحيّة الإسلام وأقول لكم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، يسعدني أيّها الإخوة بادئ لبدء أن أرحب بكل الحاضرين، من علماء وفقهاء وقارئين ومادحين وحاضرين وخصوصا من تحملوا مشاق السفر وقدموا للحضور لهذه الليلة وبأخص إخواننا التونسيين والموريتانيين وغيرهم من الذين قدموا من خارج الوطن فجازاكم الله عن الأسرة البعقيلية كل خير وكل جزاء.

 وبالمناسبة أذكّر بالقاعدة الذهبية المؤسس عليها إسلامنا وعبادتنا ……  في قوله تعالى :” وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ (57إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ (58 ” (سورة الذاريات).

إن الله تبارك وتعالى يبُيّن لنا في هذه الآية الكريمة أنّه لم يَخلق الثقلين وهما الجنّ والإنس لم يخلقهم لمصلحة ذاتية، لا، ولا عبثا ولا لإطعامه ولا لإرزاقه لأنه هو الرزاق ذو القوة المتين فهو الذي يَرزِق ولا يُرزَق وهو الذي يطعِم ولا يطعَم ويقول                 والدي ووالدكم رحمه الله سيدي الحاج الأحسن البعقيلي يقول في تفسيره لهذه الآية الكريمة إن المقصود من “ليعبدون” هو ليعرفوني بأسمائي وصفاتي الحسنى و أقول من هنا جاءت كلمة العلم بمعرفة الله و العارفين بالله.

 فالعبادة إذن تنقسم إلى ثلاث مراتب مرتبة العبادة ومرتبة العبودية ومرتبة العبودة فمرتبة العبادة هي مقام الإسلام فكل من نطق بالشهادتين شهادة أن لا إلاه إلا الله وأن محمّدا رسول الله إيمانا و احتسابا لا نفاقا فهو محسوب على المسلمين لكن هذه المرتبة لا تكون مكتملة إلا عند تحقق المرتبة الثانية وهي مرتبة العبودية، مرتبة العبودية أو مقام الإيمان الإيمان هو الإسلام القلبي ما وقر في القلب و صدّقه العمل أو التصديق الكامل أو كما قال سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه “اللّهم إعطني إيمانا كإيمان العجائز، اللّهم إعطني إيمانا كإيمان العجائز” فالإيمان هو التصديق الكامل لوجود الله تبارك وتعالى وباستحقاقه للعبادة وعدم الإشراك بها والتصديق الكامل باليوم الآخر والتصديق الكامل بالملائكة وهم أجسام نورانية وجنود الله تبارك وتعالى الذين لا يعصون ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون وكذلك التصديق بالكتاب أي بالكتب السماوية والصحف وعلى رأسهم القرآن الكريم وبالقضاء خيره وشره أي الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه. وبالتصديق الكامل بالأنبياء وبالرسل عليهم الصلاة والسلام وعلى رأسهم نبيّنا الكريم سيّدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم غير أن هذين المرتبتين لا تكونان أكثر إكتمالا إلا بتحقق المرتبة الثالثة وهي أعلى المراتب ألا وهي مرتبة ماذا مرتبة العبودة أو مقام الإحسان فالإحسان في اللغة هو الإتقان إتقان العبادة لله وفي الدين هو أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه إنه يراك فهو يراقبك لأنه يعلم السرّ وما يخفى ويعلم ما في الصدور يعلم الجهر وما يخفى ويعلم ما في الصدور وأنت كذلك تراقب الله تبارك وتعالى في أعمالك و في عبادتك وفي معاملاتك و تعلم أن الله تبارك تعالى يراقبك في السر و العلنية ومن أهم فضائل الإحسان الإلتزام بالأدب مع الله ومع الخلق.

 و بالمناسبة أذكر بالقاعدة الذهبية المؤسس عليها عبادتنا و إسلامنا و الواردة في قوله تعالى :” وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ (57إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ (58

 قلنا إن المحتفى بذكره سيدي الحاج الأحسن البعقيلي والدنا ووالدكم عرّف “ليعبدون” “ليعرفون” وهو يرى أن الإلتزام بالأدب مع الله ومع الخلق هو أصل كل الأشياء لكن قلت وأنا العبد الضعيف بعلمه بمقارنة مع علم الله تبارك و تعالى وعلم هذا الشيخ الجليل  قلت في نفسي كيف يستقيم ذلك مع ما يُقال من إن العلم هو أصل كل الأشياء  ومع قول الله تعالى  “إنمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ۗ

 “هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ

ومع قول النبّي صلّى الله عليه وسلّم “طلب العلم فريضة على كل مسلم

اطلب العلم من المهد إلى اللحد

اطلب العلم ولو حتى في الصين

فقلت لابد أن في الأمر سرّا ففكرت قليلا وتأملت كثيرا فتبيّن لي أو تكّشف لي بعض ما يلي:

أولا أن العلم غريزة ربانية يخلقها الله تعالى في قلب كل من أراد الله به خير في الدنيا وفي الآخرة في حين أن العلم يُكتسب عن طريق التعلّم والتحصيل والجدّ و الإجتهاد وقراءة الكتب و النصائح التي يتلقاها من العلماء و من الفقهاء.

ثانيا أن العلم علوم ليس علما واحدا هناك العلم النافع وهو العلم بمعرفة الله تبارك وتعالى والذي هو واجب على كل مسلم تعلّمه وكذلك التفقه في الدين وكذلك العلم بجميع التقنيات كالهندسة وعلوم الفضاء وغيرها وكذلك الحرف والمهن من الجزارة والبقالة وغيرهما الذي لا تستقيم الحياة بدونها.

ثالثا أن العلماء أنفسهم منهم الصالحون والمصلحون الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ.

 وهنالك علماء السوء الذين يستفتون فيفتون في نازلة واحدة بفتاوى متناقضة حسب طلب المصلحة، غفر الله لنا ولهم، ومن ذلك يتبيّن لكم أن رأي والدي رحمه الله ووالدكم سيدي الحاج الأحسن البعقيلي هو الصواب وهو أن الإلتزام بالأدب مع الله ومع الخلق هو أصل كل الأشياء قبل العلم وغيره.

فالأدب أيّها الإخوة يُطلق في الأصل على الدراسات والكتابات والقصائد الشعرية والكتابات النثرية لكن في الدين الأدب هو التحلّي بمكارم الأخلاق لأن الرسول صلّى الله عليه وسلّم قال وحصر “إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق” “إنما” هي أداة حصر   لأن الغاية من بعثته هي التحلّي بالأدب وبمكارم الأخلاق.

قال صلّى الله عليه وسلّم “أدبني ربّي فأحسن تأديبي

يُقال إن التأدب يسبق الأدب كيف ذلك؟ أنه إذا أُطلق الأدب منفردا فهو إسم جامد  . ..   لا في الماضي ولا في الحاضر ولا في المستقبل لكن الذي يحرّك الإسم هو الفعل تقول تأدب فلان و يتأدب فلان وسيتأدب فلان و تأدب فلان الماضي و الحاضر و المستقبل.

بقي لنا بإختصار شديد أن نعرف كيف نتأدب مع الله ومع الخلق. فالأدب مع الله له حالات كثيرة لكن أوّلها هو التحلّي بتقوى الله تبارك وتعالىفَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ“.

 ثانيا التحلّي بفضيلة التواضع عندما الإنسان يذهب إلى المسجد فإنه ينسى قوته وينسى ماله وينسى زهده وينسى سلطته ويعلم أنه مثله مثل باقي المُصليّن. وعندما يريد أن يدخل إلى المسجد فعليه أن يتذكر فيما إذا كان طاهرا من الحدث الأصغر و الحدث الأكبر،  فإذا كان غير ذلك فعليه أن يفعل ثم يدخل ولما يدخل عليه أن لا يؤذي المُصلّين،  وإذا جلس فعليه  أن لا يتحدث إلا بما يُرضي الله، وإذا ما قام إلى الصلاة مع الجماعة فعليه أن يستقيم ويعلم أنه واقف أما ربّ الأرباب كما يقف الجندي أمام قائديه ولا يلتفت لا يمينا و لا شمالا للتجسس على غيره و لا يميل لا يمينا أو شمالا كما على الإمام كذلك لا يتمايل يمينا أو شمالا  رئاء النّاس و لا يُطيل في الصلاة الجماعية لأن معه الشيوخ الكبار  و المرضى والعجزة فعليه أن يُراعي  وكذلك خطيب الجمعة عليه أن لا يُطيل الخطبة أكثر من اللازم و عليه أن يُغلّب جانب الرحمة على جانب العقاب لأن الله تبارك و تعالى يقول في الحديث القدسي “ورحمتي سبقت غضبي

الخلاصة أيّها الإخوة كما تعرفون أن الأدب موضوع شاسع وطويل وعريض ولكن أخلص إلى أن رأي والدنا ووالدكم سيدي الحاج الأحسن البعقيلي هو الصواب لما يدل على أنه لم يكن رجلا مفتوحا عليه فقط ولكنه كان عالما متمكنا، عالما شريفا عالما منظرا عالما شجاعا

لذلك فإن موضوع الأدب موضوع مهم وقد تعمّدت تكرار التحدث عن هذا الموضوع لأهميته ولأولويته وأعتذر إن أطلت فأمللت أو أوجزت فأخللت.

اللهم إغفر لنا وإرحمنا وتب علينا.

اللهم صلّ على سيّدنا محمّد الفاتح لما أغلق الخاتم لما سبق ناصر الحق بالحق والهادي إلى صراطك المستقيم وعلى آله حق قدره ومقداره العظيم.

سبحان ربّك ربّ العزّة عما يصفون وسلام على المرسلين و الحمد لله ربّ العالمين

أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام الأتمان  على سيدنا محمد الفاتح لما أغلق والخاتم لما سبق ناصر الحق بالحق والهادي إلى صراط المستقيم وعلى آله حق قدره ومقداره العظيم ورضي الله عن سيدي أحمد التجاني ومن انتسب إليه من الخلفاء والعلماء والأصحاب والمريدين…

روى الإمام أحمد بإسناد حسن في مسند انس ابن مالك قال: كان بن رواحة إذا لقي الرجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يقول  «تعال نؤمن ساعة» قال ذلك يوما لرجل فغضب الرجل وكأنه ظن أن ابن رواحة ظن به سوءا. فشكاه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قائلا: يا رسول الله، ألا ترى إلى ابن رواحة يرغَبُ عن إيمانك إلى إيمان ساعة! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «يرحم الله ابن رَواحة. إنه يحب المجالس التي تتباهى بها الملائكة». فتعالوا إخواني نتباهى ونؤمن ساعة مع الحاج الأحسن البعقيلي رضي الله عنه.

الأمة تعرف برجالها وبما تركوا من أثر وما نتج عنه من ثمرات ونحن اليوم في ذكرى رجل ترك بصمته التربوية والسلوكية والعلمية على الساحة المغربية ومنها إلى  أقطار إسلامية أخرى فاهتم بنتاجه جلة من العلماء من المغرب وغيره.

وأنا هنا لن أتكلم عن ترجمة الرجل بل سأطرح فقط على وجه السرعة بعض ما تطرق إليه من مسائل فكرية يقصد بها الجمع ونبذ التفرقة وترسيخ وحدة الأمة وإبعاد بعض الفهوم التي تؤدي إلى التشدد والتطرف والتفرقة والتشتت قال تعالى في سورة آل عمران “وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ ۚ وَأُولَٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (آل عمران  105)

والوحدة إذا مقصد معتبر من مقاصد الشريعة السمحاء فهي الضامنة  للإستمرار والاستقرار ولا يكون ذلك إلا بإثبات العقائد ودفع الشبه مع تفهم تام للتحولات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي مر منها وما يزال العالم الإسلامي وكذلك مع تفهم تام للسياق التاريخي الذي مرت منه هذه الأمة فنتج عن كل ذلك فرق ومعتقدات متضاربة ونزعة تجزيئية أدت بالضرورة إلى التعصب والإنغلاق واتهام المخالف بالخروج عن الدين فكانت محل فرقة تبرر ذلك باعتماد حديث الافتراق فيما روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال “ وإنَّ بَني إسرائيل تفرَّقت على ثِنتينِ وسبعينَ ملَّةً ، وتفترقُ أمَّتي على ثلاثٍ وسبعينَ ملَّةً ، كلُّهم في النَّارِ إلَّا ملَّةً واحِدةً ، قالوا : مَن هيَ يا رسولَ اللَّهِ ؟ قالَ: ما أَنا علَيهِ وأَصحابي رواه الترمذي وهناك روايات لهذا الحديث جلها تؤدي الى نفس المعنى والذين تناولوا هذا الحديث اعتبروا أن الأمة التي ستفترق إلى ثلاث وسبعين فرقة هي أمة الاستجابة أمة رسول الله صلى الله عليه وسلم المقرة بالتوحيد وافتراقها تمثل في الفرق العقائدية كالشيعة والخوارج وغيرها إلا أن الشيخ البعقيلي نظر الى المسألة بمنظار مختلف تماما باعتبار أن الأمة عنده المذكورة في الحديث هي أمة الدعوة التي تشمل كل مكلف من زمن بعثته الى قيام الساعة باعتبار أنه صلى الله عليه وسلم أرسل الى الناس كافة فالأمة عنده تعم كل مكلف مسلما كان أو كافرا فخرج بذلك أن الفرقة الناجية هي أمة الاستجابة وهي جميع الأمة المجيبة وهي كل فرق الإسلام وتبعا لذلك فإن الاثنين وسبعين فرقة المذكورة في الحديث والتي هي في النار هي فرق الكفر من بعثته إلى قيام الساعة، قال رضي الله عنه في الشرب الصافي الجزء الأول الصفحة 75: ” أمة الإجابة المُقِرّة والمذعنة والراضية وهم أهل لا إله إلا الله فهم المستثنون للجنة خلودا” كما أضاف في كتابه إيضاح الأدلة ص 56: “وإن صدر منه ما صدر من زمن الصحابة من موجبات الحدود الشرعية الطهورية ومن الإختلاف في الإجتهادات الشرعية فالمخطئ له أجر فلا يخرجه الخطأ من الأمة لا في الفروع ولا في الأصول مدة قصده تعظيم الإله وأمره ولكن “ مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا” فلا يشرح فرد من أفراد الأمة فضلا عن طائفة الأمة إلى الكفر“، وعليه فإن الأحسن البعقيلي يرى أن الإقرار بالرسالة وحده عاصم من الكفر ولا يجري آية أو حديثا فيه تنصيص بالكفر على واحد من المسلمين يقول الدكتور لطيف الزرقي من تونس الحبيبة والتي استوطنها الأحبة من أصحاب سيدنا في كتابه التجديد في فكر الشيخ الأحسن البعقيلي العقيدة والتصوف أنموذجا والذي استعنا به لسوق هذا الفهم النفيس: “ وبناء على ما تقدّم فإنّ أمّة الإسلام فرقة واحدة ناجية وبهذا يتّضح موقف الشيخ البعقيلي من ظاهرة الاستقواء بالنصوص الشرعية على الخصم لامتناع وصاية أي طرف من الأطراف على النصّ الشرعي قرآنا أو سنّة لأنّ الخطاب الشرعي يعمّ الجميع ” اهـ

فمن هذا الفهم ساق لنا الأحسن البعقيلي طرحا وحداويا غايته توحيد الأمة والحفاظ على بيضتها من مهالك التشتت والصراع المقيت الذي يؤدي حتما الى التطرف والتكفير.

ولا يفوتنا هنا أن نتقدم بالشكر الجزيل إلى الدكتور لطيف الزرقي الذي أفاض في هذه الدراسة الرصينة وأجاد فيها ليفضي إلى أن التوجه التجديدي والوحدوي للفقيه هو متجدر ومن مقاصد المنهج البعقيلي.

وعلى نفس المنحى الوحدوي وحبا في جمع كلمة الأمة وإبعاد كل ما يشوش عليها فإن الشيخ البعقيلي لم يتردد في الرد على الإمام الشاطبي على ما ساقه في كتابه “الاعتصام” في مسألة البدعة التي أعطاها فهما ضيّق فيه على الأمة حتى اعتبر ما ليس بدعة بدعة فانبرى له الفقيه في كتابه ” رَفْعُ الخِلاَفِ وَالغُمَّةِ فِيمَا يُظَنُّ فِيهِ اخْتِلاَفُ الأُمَّةِ ” وكتابه “الاشفاق” ومن خلالهما كان الرد يعني أيضا الطرطوشي والفقيه الحجوي وغيرهما ممن تعرضوا لهذا الموضوع قال الدكتور مصطفى الصمدي في كتابه “تراث الشيخ البعقيلي” الجزء الأول ص 392: “حيث تناول في رفع الخلاف مبحث البدعة وتقسيماتها ومبحث القياس وبسط الحديث على عمومات النصوص، وتطرق الى قول الصحابي وعمله وعمل التابعين، والاستحسان، والمباحات، والحاقها بالعبادات، وسد الذرائع، وأن الخلاف بين أفراد الأمة اختلاف لفظي لا شرعي والفرق بين سن وأحيى وغيرها، ثم استنبط لأحكام كثيرة ، مستندة فيها عمومات النصوص وذكر أمثلة للبدعة الشرعية المحرمة

كما قال أيضا نفس الدكتور “إن موقف الفقيه الأصولي العلامة الحاج الأحسن من قضية العمومات ليس موقفا عاديا، يسهل تجاوزه، دون التوقف عنده، والتماس أهدافه ومراميه منه، فهو يعتبر أن عدم تقييد الخطاب الالهي العام في كل شيء هو رأي الجمهور، وهو الصواب الذي يحق التمسك به، والعض عليه بالنواجذ

ويظهر جليا من تشبث الفقيه من الاخذ بالعمومات وما استنبط منها والامة ملزمة على وجه الواجب الأخذ بما استنبطه العلماء من طرق الخير والعمل الصالح والسنن المشروعة يقول الفقيه البعقيلي في كتابه رفع الخلاف ص 33 مانصه:

فلم يرد نص يمنع عمومات القرآن بل يجب على الأمة أن يستنبطوا طرق القرآن فإنه مأمور بها فما قصد الأمة إلا العمل بالقرآن «وَاذْكُرُوا اللّهَ (الجمعة)» «وَاسْتَغْفِرُوا اللّهَ (المزمل)» «صَلّوا عَلَيْهِ وَسَلّمُوا تَسْلِيماً (الأحزاب)» «وَتَعَاوَنُوا (المائدة)» «وَتَوَاصَوْا بِالحَقِّ (العصر)» وهو العمل بالقرآن «وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (العصر)» لمجاري أقدار الله في كل شيء «إِلاّ الّذِينَ ءامَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحَاتِ (العصر)» فعموم القرآن آكد من القياس “يد الله مع الجماعة(سنن الترمذي) في كل شيء فالحرام منصوص عليه” فلا نحرم من عندية نفسنا، ففتح الشيخ باب التيسير واسعا للامة فالمحرم منصوص عليه فلا يحرم ما أحل الله وبحرصه على أن اختلاف فرق الأمة هو اختلاف لفظي لا شرعي تأكيد على أن الأمة على خير وهي ” خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ” (آل عمران) “تأدب يا قلم أمة مذنبة ورب غفور فلزم بذلك الحفاظ على وحدتها وتماسكها لا السعي في هدم اركانها قال رضي الله عنه في كتابه الاشفاق ص 3 ” وما علموا أن تبديع المحق العالم البريء أفحش البدع وأن إبطال عمومات كليات الأوامر والنواهي الربانية من أعظم الإلحاد، وأنهى الظلم والإفساد، ولكنهم حملتهم الحدة الاسلامية والقوة النفسانية على إبطال ما أسسه الله وعصمه فلعصمة الدين لا يلتفت إليهم” كما قال أيضا في نفس المصدر ” فإن الحق كالشمس أظهر من كل ظاهر فلا يعرف بالرجال وإنما تعرف الرجال بالاهتداء بالحق” ونكتفي بهذا القدر ومن أراد ان يتوسع في الموضوع فعليه بهاذين الكتابين “رفع الخلاف” و”الاشفاق” ففيهما غنية وكفاية واشباع للمراد.

رحم الله الفقيه ورضي عنه وعن شيخنا أحمد التجاني رضي الله عنه وجازاه الله عنا خير الجزاء وكل من عمل على اظهار هذه العلوم ونشرها وتيسير فهمها لعموم أفراد الأمة للعمل بمقتضاها ففيها الخير والصلاح كله.

وجازى الله عنا شيخنا القطب المكتوم خير الجزاء فهو العين التي تسقي أمثال هؤلاء الرجال الذين ينافحون عن شرع الله قاصدين وجهه الكريم، فلله الحمد ابتداءا ولله الحمد انتهاءا ولا حول ولا قوة الا بالله.

وكلهم يستسقون من عين الرحمة الربانية سيدنا وحبيبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، اللهم صل على سيدنا محمد الفاتح لما أغلق والخاتم لما سبق ناصر الحق بالحق والهادي الى صراطك المستقيم وعلى آله حق قدره ومقداره العظيم 

نجيب أبو عقيل بن الحاج محمد الحبيب البعقيلي

 بن الحاج الأحسن البعقيلي الحسني

في الثامن من شوال 1445 هـ الموافق ل 17 أفريل 2024

       

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين وعلى ءاله وصحبه أجمعين 

أما بعد: فقبل أن أبدأ أعتذر إن صدر مني خطأ لغوي أوخطأ نحوي، فكان هذا مجهود أن أكتب باللغة العربية، وأتمنى إن شاء الله أن يوفّقني في كتابتي هذه لأني في بعض الأحيان أعمل الإرتجال لكي أشرح بعض القواعد التي أريد أن أبينها لكم.  

منذ أزيد من ثلاث سنوات وأنا أقرأ بقلبي بعض كتب شيخنا العلامة العارف بالله صاحب المعرفة الواسعة في العلوم اللدنية والعلوم الكونية سيدي ومولاي الأحسن البعقيلي رضي الله عنه، فوجدت أن طريقة قراءتي لكتبه على المنهاج التسلسلي غير صائبة ممّا دفعني إلى التأمّل والتمّعّن والتبصّر في تفسيره للتوحيد وفي كتاباته المنظومة للتعرف على سنن الله في الآفاق وفي الأنفس والتفتحّ على دلائل قدرة الله في خلقه، فقد اعتمد الكتابة على منهج القرء ان الكريم بدون شكل وبدون تنقيط  وبسيولة خارقة على ميزان دقيق بين النبوغ الفكري والتعابير الدقيقة بلا زيادة ولا نقصان، فكتاباته كرامة إلاهية وليست بحسية التي تنتهي بانتهاء فعلها، فعطاؤه زاخر لا ينقشع وينبوع فياض من العلم والمعرفة لا يكاد ينقطع، وتتمثل كراماته في الكتابة من البلاغة في المعاني وفي نظُم مطالعه ومقاطعه وفواصله التي تختلف عمّا ألّفه العرب وعرفوه وكانوا أساتذة البلاغة العالية والأساليب الراقية في اللغة، وممّا يثير الإنتباه سلامة ألفاظه وفصاحتها وخلوّها من التناقض، وممّا جعلني أن أكتب هذا العرض هواستعماله لبعض قواعد العلوم الحديثة في اللسانيات والرياضيات والعلوم التكنولوجية التي تمّ اكتشافها إلا منذ السبعينيات في القرن الماضي، فالعلم الوضعي استطاع أن يبلغ من الرقيّ ومن الإكتشافات جعلته أمام أسئلة كثيرة لا يستطيع الجواب عنه ا مهما أحرز العلم الحديث الوضعي من تقدم لأن العقل البشري له إمكانات محدودة لا يستطيع أن يتخطّ اها، ويقول المولى عز وجل)  “وَمَا أوُتِيتمْ مِنَ الْعِلْمِ إِالا قلِيلًا” (الإسراء  85)، وقد توصل العلم الوضعي إلى اكتشاف قوانين السرعة والمسافة والزمن والكثافة والجاذبية والطاقة والنظُم المعلوماتية والفضائية والإستشعار عن بعد بواسطة الأقمار الإصطناعية والذكاء الاصطناعي إلخ … ولكن سيظل العلم البشري عاجزا إلى يوم الساعة عن معرفة نشأة أي ظاهرة من ظواهر الكون الفسيح، يقول سبحانه وتعالى ” قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ۚ ثُمَّ اللَّهُ يُنشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ” ( العنكبوت 20) ، وقال تعالى ” وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولَىٰ فَلَوْلَا تَذَكَّرُونَ” ( الواقعة 62) ، وما أوتي الإنسان من علم  فهو علم محدود وقليل الأبعاد، وبين الحين والحين يهَب الله سبحانه وتعالى الإنسان بنفحات تؤهله بكشف بعض الأسرار عن رصيد الكون يفتح له أبوابا جديدة يسلكها في طريق العلم والهداية، ويقول عز وجل ” يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانفُذُوا ۚ لَا تَنفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ (33) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ“(الرحمن 33،34) “قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا ۖ إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ” (البقرة 32) . 

يعتبر العلماء في الثقافة الإسلامية ورثة الأنبياء فقد ورد في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ” إنَّ العلماءَ ورثةُ الأنبياءِ، وإنَّ الأنبياءَ لم يُورِّثُوا دينارًا ولا درهمًا، ورَّثُوا العِلمَ فمن أخذَه أخذ بحظٍّ وافرٍ” (صحيح أبي داوود)، فأودّ أن  آخذ  من الوقت عشر دقائق لإعطاء بعض القواعد التي من بعد سأفسّر كيف استعملها شيخنا العلامة سيدي الأحسن البعقيلي رضي الله عنه ، فأبدأ بقاعدة والتي ابتكرت منذ السبعينات في القرن الماضي وتسمى الإستدعاء الذاتي أوالعودية  (La recursivité)..  فهي نظرية تستعمل في البرمجة الحاسوبية، وهي الطريقة التي تسمح لأدلّة أن تستدعي نفسها ضمن النص، ولقد برهنت أخيرا أن اللغات التي تستخدم الإستدعاء الذاتي أو العودية كمعادلة رياضية في اللسانيات تعطي دقة في التعبير وتسقط التكرار وخصوصا في اللغات الحتمية، فالنظرية  العودية  هي ضد النظرية التسلسلية  التي تعتمد على التكرار (الفكرة واحدة والتعبير تكراري، والتعبير التكراري يؤدي حتما إلى المضادات وهنا تسقط الفكرة).  

القاعدة الثانية،  النحو الكلي .. هي القواعد اللغوية الشاملة والعالمية، أنها تأخذ بجميع اللغات (من الدارجة ومن اللهجات إلى اللغات) وهي نظرية في اللغويات منسوبة إلى عالم إسمه نَعوّم تشوُمْسْكِي NOAM CHOMSKY (باحث لسانيات وفيلسوف أمريكي) الذي كتب عليها في سنة 1973 وتقول هذه النظرية بأنّ قدرتنا على تعلّم قواعد اللغة هي موجودة في الدماغ مسبّقا، وتقول بأنّ القدرة اللغوية تظهر بنفسها بدون أن يتم تعليمها، والقدرات الفطرية تشترك في جميع اللغات البشرية كيفما كانت أجناسها، وممّا يعللّ به قوة الطفل على التعبير في سنّ مبكّر بدون تعليم، أمّا النحوالتوليدي وهو النحو بوصفه بِنية معرفية يتحكّم به مستخدمو اللغة الشعراء والناس التي تحوم في البلاغة، في الفرنسية كفيكتور هيجو والنابغة الذبياني في اللسان العربي وغيرهم، ومنذ الستينات أصرّ تشوُمْسْكِي بأن أغلب هذه المعرفة كلها فطرية، وهنا آتي للقاعدة الأخيرة وهي قاعدة مهمة جدا وهي تسمى  بالنحو الشكلي .. وما يصنّف بالتسلسل الهرمي وهوما يجعل القوة التعبيرية جدّ دقيقة لتجسّد بالضبط الفكرة المطروحة فنذمجة اللغة عن طريق  النحو الشكلي يعطي للمفهوم دقة ويسقط التكرار في التعبير، لكن استعماله يتطلّب قدرات جدّ جدّ عالية في هيكلة الفكر بلغة تعبيرية كميزان الذهب (دقة غرام الذهب تغيّر المفهوم)، وهذا ما يوجد نادرا عند الكتاب وعند المفكرين لأنّ قواعد النحو الشكلي جدّ معقدة ومقياسها التعبيري يحتاج إلى نبوغ في التصّور الفكري واللغوي معا (متوازيان) لا يغيب الفكر عن التعبير ولا يغيب التعبير عن الفكر، فقدّمت مفهوم النحو الشكلي لِتشوُمْسْكِي حتى أبيّن قواعده وصعوبة استعماله للتعبير، ولكن وجدت من المهم أيضا الوقوف عند مفهوم الكلام والقول وتعريفهما تعريفا سليما، فالكلمة مرتبطة بمعنى تريده الذات،  فيمكن لهذه الذات أن تعبّر عن المعنى أي الكلمة الكائنة بذاته بالطريقة التي تريدها،  فالإشارة مثلا في الطريق للتعبير عن كلام أي المعنى الكائن في الذات قال الله سبحانه وتعالى في سورة آل عمران “قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزًا ۗ” (آل عمران 41) يعني كيف يوصل الكلمة الموجودة في الذات ويعبّر عليها بالتعبير الرمزي، فالقول هنا هو كلام مصاغ بقالب لغوي، فالكلام هو معنى موجود بالذات وما النطق إلا جهر به عبر قالب لغوي ألا وهو القول، أما اللفظ فهو وسيلة مادية لإخراج القول من داخل النفس إلى عالم المادة عبر ذبذبات صوتية ..  ويقول الله سبحانه وتعالى في سورة ق “مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ” (ق 18) فهذه الصورة القرءانية تظهر أن اللفظ هو الوسيلة لإخراج القول الكائن في النفس إلى الخارج، فإذا أخذنا بنظرية  النحو الشكلي  فسوف نرى  أنّ كل حرف في القرءان مرتبط ارتباطا قويا ومطلقا بماهية الصورة التي تصوّرها كل ءاية، وهذه  المعادلة الإعجازية الإلاهية تجعل من القرءان كلام الله سبحانه وتعالى.  

وتبعا لتتمة الحديث عن الآيات التي ذكرت إبليس لعنه الله يقول الله سبحانه وتعالى في سورة الأعراف “قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ” ( 23 حرف، وأيضا)  “قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ” ( 23 حرف، وأيضا ) “وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ” ( 23 حرف، ماذا ترينا هذه الآيات بعد المرور لسورة الأعراف ) “قاَلَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَدْحُورًا” ( 23 حرف، وفي سورة ص ) “مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ”  ( 23 حرف)، وهذا ما يفسره بأن الحرف في القرءان فيه غايات وفيه تفاسير والحرف دال على معنى وعلى علم كبير، إن ترتيب حروف القرءان الكريم هو ترتيب مطلق لا زيادة فيه عن المعنى المطلق التي تصوّره هذه الحروف، ومن هنا ومن القرءان الكريم استنبط العلامة سيدنا  المولى الأحسن البعقيلي هاته العلوم، وندخل بعد هذه القواعد في تفسير وإعطاء أمثلة واردة في كتبه،  تدخّل سيدي محمد الكبير البعقيلي رضي الله عنه فقالاستنبط هذه العلوم قبل إظهارها”  اهـ، وأعترف لكم أني أخذتني الحيرة والتساؤل هل بإمكاني أن أتجرأ على الكتابة في حق ما قرأته عن  العلامة والقطب سيدي مولاي الأحسن البعقيلي، وممّا دفعني شيء واحد هو تكويني في العلوم المعرفية من الناحية المنهجية.

فثراث الشيخ سيدي الأحسن البعقيلي لا ينحصر في الفقه والأصول والتصوف، لكنه امتاز بشيء فريد ألا هو تنزيل معرفته للعلوم اللدنية بطريقة ومنهجية بعلوم التشجير أولا وبالنحو الشكلي ثانيا وبالإستدعاء الذاتي  أو العودية ليستفيد الإنسان المنحصر في العلوم الوضعية، فكل مؤلفاته ورسائله المختلفة ما فتئ يؤكد هذا الترابط بين العلم الباطني والعلم الوضعي، فلهذا اجتنب شيئا مهما اجتنب التقسيم الموضوعي، فلهذا لا يحق لأحد أن يجعل فاصلة أونقطة في كتاباته “لا يحق له، لا يحق له”  واستعمل المنهج الوضعي في التأليف فكان سبّاقا في    استعمال  التشجير  والنحو الشكلي  والعَودية قبل اكتشافها من علماء في السبعينات من القرن الماضي على يد تشوُمسكي وعلى يد العالم الأميركي ماك كارتي، لقد تنبّأ لهذه العلوم وجعلها أدوات لتأليفه فهوعلاّمة منظّر بارز وكما قال عنه الأستاذ الصمدي في  كتابه ثراث الشيخ الأحسن البعقيلي ص9  “الناطق الرسمي للطريقة التجانية” لأنّه  هو الوحيد الذي كانت له المنهجية للتعبير عن الطريقة. 

فأريد أن أعطي بعض الأمثلة لكن كتبه ورسائله كلها تعتمد على الثلاث قواعد التي ذكرتها لكم، ولكن أحببت مقدمة كتاب تبصرة الأرواح، وكان من الصعب عليّ أن أفصلها عن الأول وعن آخر الكتاب، لأنه يستحيل الإنقطاع في الموضوع (يفتح القوس في بداية الكتاب ويغلقه في ءاخر الكتاب)  قال رضي الله عنه لا راحة إلا بعد التعب، وأقول لكم بأنه كان يعمل وتعب كثيرا لكي يصل إلى هذه الدرجة من العلم حتى يقرن بين العلم الباطني والعلم الوضعي، فالعقبات ستّ فطَمُ الجوارح عن المخالفات فتشرف فيها على ينابيع الحِكم ثم فطَمُ النفس عن المألوفات فتطلع فيها على أسرار العلوم اللدنيّات، ثم فَطمُ القلب عن الرّعونات البشريّة فتشاهِد فيها أعلامَ المناجات الإلهية، ثم فَطمُ النّفس عن الكدورات الطّبيعيةّ فيلمعُ لك أنوار المنازلات القربية ثم فَطمُ الرُّوحِ عن الرُّعونات الحسيّة فتعاين أنوار المشاهدات الحسية ثم فَطمُ العقل عن الخيالات الوهميّة (دع نفسَك وتعال) فتطّلع فيها على رياض قدسيةّ فالجنة الحقيقيةُ التوحيدُ لا إله إلا الله محمد  رسول الله فمنها تفرعت الأعمال فالأعمال أغصان الشجرة شجرة التوحيد فالجنة وغيرُها ثِمار الأعمال فالمكلف صاحب الشجرة ومَنْبِتهُا “ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ”  (النحل  32)  على الوجه الذي كنتم تعملون على أتم إخلاص فَتخلصُ النِّعم من الغبَش فنعِم الجنان إنما تكون على إخلاص صاحبها أوضدِّه، فإذا أخذتم هذه الفقرة فسوف تجدون بأن هناك عدد كبير من فتح الأقواس وسد الأقواس، لماذا ؟ لأن الفكرة في التعبير والتعبير في الفكرة والفكرة في التعبير والفكرة في التعبير فخلق ما يسمى بهذه  العودية  .. جعل الروح هي ءاخر الأشياء ، لأن هناك علاقات وطيدة وعلاقات تسمى بالهرمية، فهذه الهرمية كانت أسلوبه الخاص، وأنا أقول لكم قرأت كتب كثيرة بالفرنسية وبالعربية وبالإنجليزية لا تجدون كتابا سواء في الأدب أو الفكر أو العلم ولا في غيره مكتوبا على هذه القواعد (لا يوجد)، فمن تبصرة الأرواح ءاخذكم معي إلى كتاب جميل جدا جوهر الحقائق الفرد، هذا الكتاب فيه 17 صفحة،  لكن إذا قرأته أوبدأت في تحليل هذه الأقواس الموجودة داخل هذا الكتاب الذي بدأ بقوس مفتوح وصار ككلمات متتابعة إلى نهاية الكتاب، فأخذت وأنا أعتذر فقرة منه،  ولكن الفقرة دائما متصلة بأولها ومتصلة إلى ءاخرها، فلا يمكن فصلها عن الموضوع الكامل فيقول  فالعلم نقطة واحدة وإنما تنوّعه الإعتبارات فالإعتبارات خلاف لفظي  وهمي فأحب أن أزيل الوهم والغلط الناشئ عنه حيث تكون الشمس للوفاق بين الأمة ضاحية فدين الله واحد تنوّعه كراسي القلوب لما في ذاته فليعلم كل موفق أن الله تعالى لا تدركه تماما الأبصار ولا ذوو الأبصار ولا البصائر فلا يتصوّر على ما هوعليه فضلا أن يحُكم عليه  بَيْدَ  أنه شهد على نفسه أنه موجود ولنفسه أنه كامل من كل وجه واعتبار فهو الواحد الأحد  الصمد الغني عن كل ما  سواه المفتقر إليه كلّ ما عداه الخالق لكل الجواهر والأعراض خلق دواعي خلقه والإرادات والتوجيهات والتوّجهات والمباشرات للأعمال فلا يتصوّر موجود إلا بإيجاده (لاحظوا هذه الكيفية .. التي تأخذك من جملة إلى جملة ما فوقها إلى جملة أعلى منها إلخ … في فقرة فقط وما بالك في كتاب متواصل بدون تقاطع في الموضوع) ولا معدوم بإعدامه فما سواه ممكن إيمانا وكفرا وطاعة ومخالفة يفعل من الممكنات ما شاءه ويترك ما يشاء في إعدامه فلا يتصّف مخلوق من حيث هو إلا بما خلقه فيه خالق كل شيء فالحكم على الشيء فرع عن تصوّره …  وهنا أقف لأنّ ما قلته في هذه القواعد كانت في ذهني مدة ثلاث سنوات ولكن كانت يدي ثقيلة حتى أكتب ما كتبته اليوم وأريد أن أختم بشيء مهم وهذا الشيء المهم هو بيان في كتابه العظيم الإراءة فهذا البيان يكتب على طريقة التشجير فكتب في البيان :  

فهذه الكيفية هي جزء من تطبيق هذه العلوم لأن نقول بأن قراءة كتب ورسائل النابغة وبديع الزمان وأن أقرّ بكلمة بديع الزمان لأن هذه الكلمة أعطيت لشخصين وهما بديع الزمان الهمذاني في الأدب وبديع الزمان النورسي عالم من علماء الدين، وأقول لكم بأن هؤلاء توجد ما بين فكرهما وكتابتهما وكتابة شيخنا الحاج الأحسن البعقيلي مسافات فضائية وضوئية بحيث لو عرفاه لقالا لا نريد هذا الإسم بل يستحقه شخص واحد ألا وهوالحاج العلامة الأحسن البعقيلي، فأريد أن أختم لكم بشيء وهوأنه استعمل التشجير  كما لاحظتم فأقول أني رأيت الطريقة كشجرة نبتتها جاءت من نور رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن أول مخلوق هو نوره صلى الله عليه وسلم ومنه انطلق القلم واللوح على شكل تشجير لما كان الجزء الرابع دائما يقسّم إلى أربعة أجزاء و الجزء الرابع الأخير يقسّم إلى أربعة أجزاء وهكذا صار التشجير، فبهذا المنهاج أقول جذع الشجرة هوالقطب المكتوم سيدي أحمد التجاني رضي الله عنه أما فروعها وأغصانها فهم العلماء الكبار الذين كتبوا وأبدعوا وجعلوا تاريخا للطريقة كلٌّ كان له غصن من هذه الشجرة  لكن الأغصان تختلف فهناك الأغصان التي تثمر القليل، ولكن كان هناك غصن كثيف بالثمرات حتى تدلّى الغصن، يقول لك الغصن امدد يدك فاقطف ولكن تذوّق وتلذذ فهذا هو عالمنا الحاج الأحسن البعقيلي رضي الله عنه. فأعتذر إن أخطأت نحويا أولغويا والختم لكم سيدي.  

اللهمّ صلّ على سيّدنا محمّد الفاتح لما أغلق والخاتم لما سبق ناصر الحقّ بالحقّ والهادي إلى صراطك المستقيم وعلى ءاله حقّ قدره ومقداره العظيم . 

سبحان ربك رب العزة عمّا يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين  .

بقلم السيد حسن مسارع

في بيت سيدي حسن باكو،

الجمعة  5  صفر  1436 ه

  14\11\28م