مختارات من كلام العارفين

(وسألته رضي الله تعالى عنه و أرضاه عنا به) عن معنى العافية و حقيقتها فقال: اعلم أن حقيقة العافية هي القيام مع الله تعالى  في مطابقة مراده ، بكمال الرضا و التسليم و التفويض و الاستسلام ، و سقوط التدبير و الحيل و دوام التبري من جميع الملاحظات و المساكنات و المصاحبات و المرادات ، حتى لا يكون ثم غير الله دائما سرمدا ، و صحة ذلك و مصداقه أن لا يخطر غير الله على قلبه دائما فهذه هي العافية. و إذا سألت العافية من الله ، فاسأله العافية من حيث يعلمها لك ، عافية لا فيما تريده و تختاره.

و أما قول القائل منكرا على المرسي رضي الله عنه حيث قال : أبا بكر سأل الله العافية فمات مسموما ، و عمر سأل الله العافية فمات مقتولا ، و عثمان سأل الله العافية فمات مقتولا  ، و علي سأل الله العافية فمات مقتولا ، فتلك مرتبة الفقهاء عند الله ، و الذي أنكرها غريق في بحر هواه، و قد انطمست حضرة قدسه و مناه، فأنكر ما أنكر وهو لا يعلم قول الشاعر:
فكم من عائب قولا صحيحا                و آفته من الفهم السقيم

و قد ذكر مولانا عبد السلام،  مشيرا إلى هذا الذي ذكرناه في مرتبة العافية قال رضي الله عنه :” لا تختر من أمرك واختر أن لا تختار ، و فر من ذلك المختار و من اختيارك ، ومن فرارك  و من كل شيء إلى الله ، و ربك يخلق ما يشاء و يختار.”

و أما قتل هؤلاء السادات  الكرام، فالقتل لهم عين العافية .  أترى سيدنا يحي عليه الصلاة و السلام قتل، أتراه خرج عن العافية؟ ، حاشاه من ذلك عليه الصلاة و السلام. و أما السادات رضي الله تعالى عنهم،  و غيرهم كالحسن  و الحسين و طلحة و الزبير و غير ذلك من السادات، فإنه أكمل  لهم العافية التامة الكاملة في ذلك القتل، و شرفهم بذلك على جنسهم ، و لم يعلم هذا العلم إلا الأكابر من الرجال، وكذلك لا يطيقون  لحمل أعباء هذه العافية إلا أولئك الرجال ، و أما غيرهم فلا كلام عليهم. والعافية في حقهم ليست خارجة عن البلاء، إلا بتأييد إلهي، و العافية هي التي عندهم هي تواتر النعم الظاهرة، المطابقة للأغراض و الشهوات، و الأمن من البلايا و المحن، فهذا غاية البلاء و المحنة الشديدة.

 (قال بعض التابعين) و هو من فقهاء هذا الميدان لبعض السادات مستغيثا به: يا سيدي أدع الله لي فقد قرنت بالعوافي، مع توفير النعم. أو كما قال له، و خاف سوء عاقبة هذا الأمر فاستغاث بالله منه، و أهل الظاهر واقفون مع نفوسهم، غارقون في بحر الهوى، فلا كلام معهم و لا علم.

من كتاب ” جواهر المعاني ” لسيدي علي حرازم برادة رضي الله عنه صفحة 179

فما قيل في النبوة يقال في الولاية…
فكل أهل زمن يتمنى أن يدرك احدًا من الاجلة ويتوسل به الى الله عند حوائجه ويظهر محبته عند الناس فلما وجدوا واحدًا منهم ولم يعرفوا قدره حسدوه واظهروا عداوته فما انصفوه “فباءوا بغضب” من رد ولايته فمن رد ولاية واحد رد ولاية الجميع “على غضب” من الله لا وليائه : من عادى لي وليًا فقد بارزني بالمحاربة وانما أنا غضب لاوليائي كما يغضب الليث لجروه.

المقاصد ج3

فأحسن ما يعامل به الانسان ربه التسليم والرضى وأحسن ما يعامل به الخلق العفو والسخاء فحب المال من اغلب اخلاق النفس فالعجلة من الاخلاق الرذيلة فلذلك قيل الصبر افضل من الشكر. وفي الخبر : يوتى بأشكر اهل الارض ليجزيه الله جزاء الشاكرين ويوتى بالصابر فيقول الله هذا أنعمت عليه فشكر وابتليتك فصبرت لاضعفن لك الاجر فيعطى أضعاف الشاكرين.

المقاصد ج4 ص290

“والله يضاعف لمن يشاء” ثم انك حسنة وكسب سيد المرسلين فهو السبب في وجودك فلا تغفل عن الواسطة والوسائط ابدًا فلا تثق ابدًا فإنك ان غفلت عنه عصيت ربك في أي حضرة كنت والسلام. 

المقاصد ج3 ص185

وروح العارف الأدب بإسقاط الارادة والرضى بفعل محبوبه تعالى اعمالا واهمالا واسعادا واشقاءا واحياء وامامة وتقريبا وتفريدا وتولية وابقاء وافناء وافاضة وامساكا عنه فالكل محبوبه على حد سواء لفعل الحبيب فيه

الاراءة ج2 ص97

فكل قلب لم يتجرد من الرياسة لم يكمل إيمانه بالله وبرسله فللنفس دعوى سبع صفات مذمومة : عجب كبر رياء غضب حسد حب مال وحب جاه على عدد ابواب جهنم فمن تزكى منها انغلقت عنه ابواب جهنم

مقاصد ج3 ص30

فيجب عليك أن تعرف في ما يقابل به الحق خلقه حيث كانوا مشركين ثم أسعدهم وكانت الصفا صنمًا مدة طويلة ثم صيرها مشعرًا فلا حظ لاحد في ملك الله فإنه يمكن أعداءه من احبابه بلاء وعبرة لا تقل لم وكيف فإنه تستوي عنده الحقائق كلها فلا منفعة له في الخلق وإنما تفضل فحكم وأحكم فلا تحاقق فإنه فعال لما يريد

المقاصد ج3 ص205

قيل يا رسول الله هل يحشر أحد مع الشهداء قال نعم من يذكر الموت في اليوم و الليلة عشرين. يعني مرة فكل من مات في طاعة الله من أي باب من أبوابها فهو في سبيل الله بيد ان اطلق صرفه العرف إلى الجهاد القتال لا غير فالطاعة سبيل الله و عليه فلا يموت المومن إلا شهيدا ما دام موقنا بربه فالجهاد الأكبر هو جهاد النفس فمن أفناه الله في طاعته ليس بميت فمن فني في الله بقي بالله…

المقاصد ج3 ص 191

كما أن كشف الأولياء لا يتعدى كتاب نبيهم و سنته أبدا و إنما يأتي بفهم جديد من الشريعة فلا كشف يناقض الدليل أبدا لو كشف الحجاب ما ازددت يقينا

المقاصد 4 ص274

فالدعاء له اداب و شروط، و هي أسباب الإجابة، فإن توفرت، أجاب في الوقت الذي ينبغي كيف ينبغي بما ينبغي، لا كيف يبغي العبد، فإنه لم  يعلم الحقائق على ما هي عليه فمن أخل بها فهو المعتدى في الدعاء، فلا يستحق الجواب: إني لا أستجيب من قلب لاه.

المقاصد 4 ص356

فالنافلة عندنا ،الإستغراق في الفكرة و النظرة في بحر المشاهدة و المعاينة ،او ما يوصل إليه من مذاكرة أو ذكر …فإن غاب عن نفسه و جنسه ،جمع الفرائض و النوافل و لو نام و أفطر

تبصرة الأرواح ص85

القبض والبسط: وهما حالتان بعد ابتعاد العبد عن حالتي الخوف والرجاء فالقبض للعارف بمنزلة ‏الخوف ‏للمبتدىء بالطريق إلى الله والبسط للعارف بمنزلة الرجاء للمستأنف.‏‎ ‎ومن أدنى موجبات القبض أن يرد على قلبه وارد موجبه إشارة إلى عتاب أو رمز باستحقاق تأديب ‏فيحصل في ‏القلب قبض.‏‎ ‎

وقد يكون موجب بعض الواردات إشارة إلى تقريب أو إقبال فيه لطف وترحيب فيحصل للقلب بسط.‏‎ ‎
يقول الجنيد: “الخوف من الله يقبضني والرجاء منه يبسطني والحقيقة تجمعني والحق يفرقني

من الكتاب الوجداني دعوة للمصالحة الدينية لترميم الوحدة الإسلامية ورفع الغربة الروحية
لصاحبته،الأستاذة زينب أبوعقيل:
~~~~~~~~

يقول سيدنا علي رضي الله عنه
– “الإنسان مخبوءٌ تحت لسانه”.
فتعالوا بنا لنستمع للشيخ البعقيلي وهو يعبر عن فكره ومشربه في تعريف واضح وبسيط,

ـ يقول عن الطريقة الأولى التي ينتمي إليها باعتبارها طريقة السلف الصالح:
“الطريقة الأولى الجادة، هي التي بُنيت عن إفراد العبودية لسيادة المالك الحق، جل وعلا. وهي طريقة النبي عليه الصلاة و السلام، وطريقة الصحابة الكرام.” انتهى
ـ وعن التجانيين الملتزمين بمبادئ الدين والمشرب، يقول:
– “إذا نسبتَهم للعبوديةانبسطوا، وإذا نسبتَهم للولاية، وفخر العلم و”ضم الدعاوى”، انقبضوا: الذين غالبوا حالَهم،وصفت بواطنُهم بالله، فنطقت بالله قهرا وصمتت بالله قهرا: شيخهم النبي عليه الصلاة و السلام ، وطريقتهم بلا مشقة ولا إرادات ولا مجاهدات،رغم أنهم مجتهدون في مرضاة الله، وإنْ لم يعرفوا عقباتِ السلوك. فرجعوا إلى شيخهم،فدلَّهم على مُلازمة العبودية:وببركتها حصل لهم ما وصلوا إليه من درجة الإحسان…” انتهى.
ـ ويقول لمن أنكر عليهم وَجدَهم ومقامَهم:
“فإذا علمت أن الطرقَ تُستنبَط من كل أمرٍ أمرَنا به ربُّنا، استرحتَ من أمرِ الخلاف بين الأمة: فلا تُبدِّع ولا تُفسِّق أحدًا تعلَّقَ بطريقة الشرع…” (و كان يخصُّ بالعتاب، “الفقيهَ الحجوي” المرتد آنذاك عن التجانية.والذي قد تطاول على رموزها، بتحريض من خصومها)

ـ وقال عن صدق مشربه رضي الله عنه:
– “فنُشهد اللهَ وملائكتَه أننا معشر التجانيين، تمسكنا بمذهب الرسول الكريم وأصحابِه والأئمةِ الأربعة على عقيدة “أبي الحسن الأشعري” في كل ما استحسنه. وأن أمة الرسول الكريم على حق مكرمون ومنعم عليهم:
“أمة مذنبة و رب غفور.”
وَ نشهد أن من يتكلم بالطعن في الأولياء قاطبة، لم يتمسكْ لا بسنة ولا بطريقة.”

ـ وعنِ لولاية الفتح، يقول:
“إن الولي الحقيقي هو الله (جل وعلا) وإنما أفاض اسم الولاية على غيره لسياسة ملكه، لاغير…”

ـ وعن العارف بالله:
“من كان لله أعرف كان لله أخوف. وأعرف الناس بالله، أشدهم تحيرا في الله.”
ـــ
ـ وأخيرا ها هو يحذر كل مريد من المتاجرة بمشربه. و يحذر الناس منه ومن مراوغاته وينهى عن الدخول في متاهات البحث عن الأسرار وعن الأسماء العالية، لحد الادِّعاء. فيقول معتذرا عن الإطالة في بعض المواضيع:
“إنما أطنبتُ، لأنه يوجد كثير من الناس مِمَّن لا يعرف معنى الطريقة، ولا عرف أنه مريض، بل اعتقد أنه سليم، فيعوِّل على علمه وفهمه، ويبحث عن تراكيب الأذكار العالية… وجعلِها حرفةً للمعيشة، فلا يعطيها إلا لأهل الوفر الدنيوي… والصادقون من الفقراء، فقد يكتم عنهم، خشية الفضيحة، فيعتقد على أنه على بصيرة في الطريق، ويتبجح بها على الإخوان. تالله ليس له فيها إلا هلاك نفسه وماله وولده، عقوبةً له…” انتهى كلامه رضي الله عنه

مع تحيات بنت سيدي الحاج الأحسن البعقيلي رضي الله عنه: زينب أبوعقيل