يفتتح سيّدي محمّد ﭐلكبير ﭐلدّرس بقوله :

« ﭐلمقدّم ﭐلبركة ﭐلسيّد ﭐلحبيب بن حامد ﭐلتّونسي في ﭐلذّكرى 1427 نُسجّلها إذا أمكن متتابعة إلى نهايتها وإلاّ سنجزّئها إلى قسمين ثمّ بعد ذلك نشرع في ﭐلدّرس إن شاء ﭐلله، بسم ﭐلله ﭐلرّحمن ﭐلرّحيم. نعم ».

قال سيّدي ﭐلحاج ﭐلحبيب بن حامد ﭐلتّونسي في 8 شوّال 1427 :

بسم ﭐلله ﭐلرّحمن ﭐلرّحيم

وصلّى ﭐلله على سيّدنا محمّد وعلى آله ﭐلأبرار وصحابته ﭐلأخيار ﭐلحمد لله ﭐلذي أهّلني ووفّقني للوقوف بين أيديكم وﭐلنّظر إليكم نظرة عالية بـﭑلله وألهمني نيّة صالحة حتىّ رأيت ﭐلكلّ بعين ﭐلتّعظيم وﭐلمحبّة وﭐلكمال فَبَرَزَتْ لي في قلبي دقائق أنوار ومحاسن أسرار توجّهكم ﭐلصّافي إلي ﭐلله تعالى فلا زِلْتُ ألهج بذكركم وأثني عليكم ما لمسته لديكم من قوّة في ﭐلدّين ويقين وتجريد ممّا سوى ﭐلله وﭐستغناء به جلّ وعلى عن كلّ ما سواه وإتقان للعبوديّة جزاكم الله عنّا أعظم ﭐلجزاء. وما قدمت من تونس لأعظّم أحدا فـﭑلله هو ﭐلّذي عظّم شيخنا ومولانا أحمد ﭐلتّيجاني رضي ﭐلله عنه وأرضاه وﭐلله هو ﭐلّذي عظّم تلميذه ﭐلوفيّ ﭐلأطهر سيّدي ومولاي ﭐلأحسن ﭐلبعقيلي وﭐلله هو ﭐلّذي وضع سرّه في ﭐلـمُربِّي ﭐلكامل وﭐلقدوة ﭐلنّفاع سيّدي وقدوتي ﭐلحاج محمّد ﭐلكبير أطال ﭐلله عُمُرَهُ مع ﭐلصّحة وﭐلعافية. فـﭑلله أحمد على معرفتكم حمدا كثيرا. ولولا فضل الله مـﭑجتمعتُ بكم ومن جملة فضل ﭐلله علينا أن بعث لنا بـﭑلعارف ﭐلقطب ﭐلربّانيّ سيّدي ومولى نعمتي ﭐلحاج محمّد بن إبراهيم ﭐلبعقيلي ﭐلـمُكَنّى ﭐلقماري هذا ﭐلسيّد ﭐلجليل هو ﭐلّذي بعثه لنا ﭐلحاج ﭐلأحسن إلى تونس مند عام 1929(م) فـﭑستقرّ بها إلى أن توفّته ﭐلمنيّة في عام 2002 على سنّ تناهز الـ104 سنوات رضي ﭐلله عنه وأرضاه. وبواسطة سيّدنا محمّد ﭐلقماري ﭐنتشرت ﭐلطّريقة ﭐلتّجانية بتونس ولو أنّها وُجدت قبله لكنّها كانت أشرفت على ﭐلاِضمحلال وتعرّف ﭐلنّاس على سيّدنا ﭐلأحسن وعلى كتاباته وعلى منهجه في ﭐلتّربية وعلى خصائصه كعارف وعالم وقطب مُربِّي. ومن خلال ﭐلقطب ﭐلقماري ذاقوا معنى ﭐلعبوديّة كما يُحبّها ﭐلله ورسوله إذ أنّ ﭐلقماري كان عين ﭐلبعقيلي وكان ﭐلقماري « هو ﭐلإراءة تمشي على رجليها » هذا ما يصفه به من عرفه وﭐتّلمذ له « هو ﭐلإراءة » وهو « ﭐلأحسن ﭐلبـعقيلي» بذاته كما قاله له مرارا حفيد ﭐلشّيخ رضي الله عنه سيّدي علاّل ابن إِمْحَمِّد ﭐلتّجاني ﭐلمدفون بتونس وكان مجازا من طرف ﭐلفقيه ﭐلبعقيلي يقول له : « إذا أتيتك فكأنّي أتيت ﭐلفقيه لا فرق ».
وكتب له سيّدي ﭐلأحسن في بعض رسائله : « فنحن إخوة ذاتٌ واحدة » كما قال له أيضا « فأنت ولد ﭐلرّوح » وقال له مشافهة « أنا أبوك » فـﭑلرّجل عندنا واحد « ﭐلولد نسخة أبيه » ووقع ﭐلنّفع ﭐلعميم وفتح ﭐلله أبواب ﭐلدّين وتعلّم النّاس الفقه إتقانا وﭐلمعرفة عَيَاناً وفتحَ ﭐلله ﭐلأبصار وﭐلبصائر من رجال ونساء وأطفال وعجائز يَرَوْنَ ما لا يَرى غيرهم مِمَّن حُجب بنفسه وينطقون بـﭑلحكمة وﭐلمعرفة ويتولّهون بذكر شيخهم وقدوتهم ﭐلبعقيلي كأنّهم عاشوا معه ﭐلسِّنون ﭐلطّوال. ففيهم من قارب حفظ ﭐلإراءة وسوق ﭐلأسرار وﭐلشّرب ﭐلصّافي لشدّة تعلُّقِه وفيهم من يحكي لك على أحوال ﭐلفقيه في درب غلف وﭐلشّاوية وجبال بعقيلية وقبائلهم. ومن يتكلّم لك على خصائل ﭐلعارف أحمد وﭐلعارف ﭐلأساكي وﭐلعارف الجكّاني وﭐلعارف ﭐلفطواكي وغيرهم من أصحاب ﭐلفقيه وأصهاره كـﭑلقائد ونسائه كلَلاَّ ﭐلزّهرة وأولاده كسيّدنا ﭐلخليفة ﭐلحاج محمّد ﭐلحبيب رضي ﭐلله عنه وأرضاه الخ … وهذا كلّه يكمن في شيء ما : ما ﭐلّذي جعل هذا ﭐلمشرب ينتشر بهذه ﭐلصّفة وما ﭐلّذي جعل هؤلاء ﭐلنّاس ينتفعون هكذا وما ﭐلّذي جعل ﭐلإراءة وسوق ﭐلأسرار محلُّ نظرهم؟ ما ﭐلّذي جعل تربية ﭐلشّيخ ﭐلأحسن رضي ﭐلله عنه تتناقَلُها ﭐلأجيال من بعده ويسري علمه ومعرفته في ﭐلفقراء كسريان ﭐلدّم في ﭐلعروق خاصّة تلاميذه وخاصّة تلميذه ﭐلأبرّ ﭐلشّيخ محمّد ﭐلقماري رضي ﭐلله عنه وأرضاه؟ الأمر بسيط جدا وهو يكمن في أمرين اِثنين :

فأمّا من ربِح على يديه ربحا تامّا فإنّما هو بتقصير ﭐلهمّة وأصلُه شرط منع ﭐلزّيارة وهو معروف في طريقتنا.
وﭐلثّاني هو نزع ﭐلأغراض في عبادة ﭐلله، وهو ﭐلطّريق إلى ﭐلله. ﭐلأمر كلُّه يتعلّق بـﭑلطّريق إلى ﭐلله و بتقصير ﭐلهمّة على ﭐلشّيخ. ﭐلطّريق إلى ﭐلله ونزع ﭐلأغراض. فأمّا ﭐلطّريق إلى ﭐلله ونزع ﭐلأغراض فقد جعله رضي ﭐلله عنه كـﭑلاسم ﭐلأعظم ﭐلظّاهر في كلّ كتبه وبيّن فيها ﭐلفرق بين ﭐلطّريقتين طريق ﭐلقوم ﭐلثّانية وطريق ﭐلله ﭐلأولى وهي طريقة ﭐلصّحابة. ولا تُسمَّى ﭐلطّريقة ﭐلتّجانية بـﭑلصّوفية بل هي ﭐلأصليّة. قال رضي ﭐلله عنه « لا يُوصل ﭐلحقّ إلاّ بأربعة حقوق : ﭐلشّريعة، وﭐلعمل بها، ورسول ﭐلله صلّى ﭐلله عليه وسلّم، ثمّ نزع ﭐلأغراض ». فـﭑلأحسن لم يترك مجالا إلى طريقتين ظاهرة وأخرى باطنة بل جمع ﭐلكلّ في شيء واحد وهو ﭐلطّريق إلى ﭐلله وهو واحد وهو شرع كلّه وهو محبّة ﭐلله ورسوله كلّه وهو نزع ﭐلأغراض كلّه. فهذا ﭐلعالِم رضي الله عنه أتى بـﭑلفقه في ﭐلعبادات على ﭐلمذاهب ﭐلأربعة متعرّضا لقوله تعالى « إذا قمتم إلى الصّلاة فـﭑغسلوا وجوهكم… » كما تعلمونه في كتاب ﭐلتّفسير (مقاصد ﭐلأسرار).

وهذا ﭐلعالِم هو ﭐلمؤلّف لكتاب ﭐلزُّلال ﭐلأصفى وﭐللُّباب ﭐلمحض ﭐلأوفى وهو ﭐلعالِم ﭐلمؤلّف لكتاب ﭐلإراءة وهو قاموس ﭐلطّريقة وﭐلطّرق كلّها بإذنٍ من النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وهو ﭐلمؤلّف للشّرب ﭐلصّافي حاشية على جواهر ﭐلمعاني وهو ﭐلمؤلّف لإيضاح ﭐلأدلّة بأنوار الأئمّة. فـﭑلعلم عنده باب واحد وهو ﭐلطّريق إلى ﭐلله لا غيره ولا يعرف رضي ﭐلله تعالى عنه غير ﭐلله « فلا أدُلُّك إلاّ على ربِّك » ولا يسمح لمن تعلّق به أن يغفل عن ﭐلله نفسا واحدا وكلّما رآه ﭐلمشائخ قَبْلَهُ صعبا بعيد ﭐلمنال عسير ﭐلإدارك إلاّ ورآه هو من أسهل ما يكون فقرّبه لنا وأفصح عنه بعبارة سهلة وأرانا مَرْآه فقال « فمن لم يتعلّم علّمناه ومن لم يذق ذوّقناه ». وكُلّما أومئ له ﭐلمشائخ ﭐلعظام جعله مَحطَّنا ﭐلأصليّ ومدارنا فقال « فنحن نحوم حول ﭐلذّات عشقا وهُياما ». نرى ﭐلله في كلّ مفعول قبله ومعه وبعده. وكلّ ما دعى بـﭑلخير إلاّ قال مثلا « فـﭑلله يوصّلك إلى منتهى ﭐلعارفين وذروة ﭐلمقرّبين » لا نعوّل إلاّ على ﭐلله « ميلا وشوقا وﭐعتمادا » الخ. ﭐلطّريق إلى ﭐلله هو طريق ﭐللاَّ أنا وطريق ﭐللاَّ غرض فمن عبد ﭐلجنّة كان عبدا لها ومن عبد خوفا من ﭐلنّار كان عبدا لها ومن عبد ﭐلدّنيا كان عبدا لها ومن عبد ﭐلآخرة كان عبدا لها الخ. ومن عبد ﭐلله كان عبدا لله. « إنّ أودّ ﭐلأودّاء ﭐلّذين يعبدون ﭐلله لغير نوال » طريق ﭐلله هو غير مُتعدّد وهو طريق واحد فكلّ ما عَلِمَهُ ﭐلحاج ﭐلأحسن وعلّمه من علوم فهي أصل ﭐلدّين ﭐلإسلامي « أن اعبدوا الله » وكلّ عِلْمِه عِلمُ باطن لا يفهمه إلاّ من ألقى ﭐلقياد إليه وعظّمه وكان من أهل ﭐللاَّ نفس بل من أهل ﭐلذوق ﭐلسّليم فعندها كلّما قرأ حرفا ممّا دوّنه ﭐلبعقيلي وأعاد ﭐلقراءة ثانية إلاّ ووجد نفسه يقرأ من جديد ويدرك معاني لم يدركها أوّلا و هذا هو سرّ ﭐلعلوم ﭐلنّبويّة وﭐلفتوحات ﭐلربّانيّة ولكنّك في كلّ ﭐلأحوال تعرف الله فيه وتعرف رسوله صلّى الله عليه وسلّم. وهو رضي ﭐلله عنه يَكْتُبُ ﭐلله فيه ويقصده عزّ وجلّ في كلّ حرف وتفسير وكلّ من تأمّل علمه وعلومه رضي ﭐلله عنه إلاّ ووجد نفسه في دائرة ﭐلمعرفة ﭐلإلهيّة ﭐلعُظمى وكلّ عارف بـﭑلله يعرف أن هذه ﭐلعلوم هي علوم محمّديّة ولا يمكن أن تكون إلاّ كذلك ومن لم يفهم هذا فإنّه لن يفهم شيئا في ﭐلأصل… وهنا نعرّج على من لم يفهم ﭐلبعقيلي قبل ﭐلكلام على تقصير ﭐلهمّة فنقول فمن أراد أن يَخْضِعَ كلام ﭐلبعقيلي تحت ضوابط عدّة وينزّله إلى من لم يترقّ إليه مرقاه فهو « ينفُخ في غير ضرم » وكلّ من أراد أن ينصره بتأويل كلامه على وفق ما يريد أن يفهمه من لم يُسلّم له فهو أخطأ عين ﭐلصواب ولم يعرف ﭐلبعقيلي ولا فَهِمَهُ. وهو سوء أدب كبير ينشأ عنه تعسّف وتعدّي حدوده على ﭐلمؤلّف. فلا يحبّ ﭐلمؤلّف أن تُظهر بعض كلامه وتستر ﭐلبعض الآخر. « فما مدح رسول ﭐلله صلّى ﭐلله عليه وسلمّ طعاما ولا ذمّه فإذا أعجبه أكل منه وإلاّ تركه لمن يعجبه » وهذا ما صرّح به ﭐلبعقيلي إذ قال فأنا أعجمّي اعْتَرَفْتُ بلكنَة وأَمَرَ أن يُتْرَكَ كلامه على ما هو عليه لعلّه يكون له سرّ وليس هذا بكتاب عربيّة إنّما هو علم ﭐلأذواق وﭐلمعارف ﭐلإلاهيّة وكلّ من أراد إظهار بعض علمه وإخفاء ﭐلبعض ﭐلآخر لم يصب ﭐلصواب فكلّ ما نشر ودوّن هو علم ليس بسرّ وﭐلمطر لا يُترك لأنّه يذهب ببيت ﭐلعجوز وﭐلشّمس لا تخفى لأنّها تظُرّ بـﭑلأرمد. فما ألّفه ﭐلمؤلف هو مسؤول عنه مأذون فيه فمن صدّقه ربح ومن لم يصدّقه مع ﭐلاحترام لا شيء عليه ومن أنكر عليه تضرّر.

قال رضي ﭐلله عنه فـي ﭐلإراءة ﭐلجزء ﭐلثّاني (2) صفحة 261 … ما كتبتُ هذا إلاّ لنفسي ولأولادي ومن تنزّل منزلة نفسي وأولادي في ﭐلضّعف وﭐلمحبّة فإنَّنِي أعجمّي خِلقة … فإن وجدت تصحيفا أو لحنا عربيّا فأصلحه بـﭑلطُرّة مع ترك لفظنا على حالته فإنّه خرج عن حال عجميّ فربّما يكون له سرّ ربّانيّ فإنّ من غيّر حروف أهل ﭐلأحوال ﭐلعجميّة ربّما يُخاف عليه من ربّه لأنّه تنزّل وﭐعترف بلكنة وجهل. فـﭑنظر بعين محبّة فإنّه عليه تجده عسلا شفاء وإن نظرته بسخط تجده حنظلا منك لا منه … وأخلص ﭐلنيّة فيه فإنّه يضمن لك فتحا ربّانيّا وعلى ﭐلله ﭐلتِكلان … فـﭑلطّريقة معنى واحد لا خلاف فيها ولا ينقد بعضهم على بعض … فسلّم تسلم ما ذمّ رسول ﭐلله طعاما ولا مدحه فإن أعجبه أكله وإلاّ تركه لمن يحبه … وكلّ ﭐلطعام شفاء ودواء … وكتابنا هذا نفيس في بابه لمن وافقه فمن لم يوافقه تركه بأدب … وإنّما وضعته للصدِّيقِين ﭐلّذين يُحبّون ﭐلجواهر ﭐلعلميّة وﭐلّذوقيّة وﭐلّذين يصلحون بواطنهم وأمّا إصلاح ﭐلألسنة فمحلّه علم ﭐلعربيّة ولسنا بصدده أسلم تسلم … وﭐرفض روائح ﭐلنّفوس مع كتب أُلِّفت بـﭑلله لا بـﭑلنّفوس وﭐستجد نفائس ﭐلنيّات وأفاضل ﭐلأوقات لمطالعة كتب أُسهرت فيها جفون ﭐلمحبوين ﭐلمقرّبين فإنّهم تُرياق … وأمّا تقصير ﭐلهمّة : فجعله رضي ﭐلله عنه من أعظم أمور ﭐلرّبح. قال رضي ﭐلله عنه وأرضاه (ﭐلشّرب ﭐلصّافي ﭐلجزء ﭐلأوّل (1) صفحة 181) فأقول إنّي أُشهد ﭐلله وملائكته وكلّ مؤمن بأنّي بايعت هذا ﭐلشيخ رضي ﭐلله عنه مبايعة تامّة مطلقة شاملة عامّة مستغرقة أنفاس ﭐلدّنيا وأنفاس ﭐلآخرة على أن تكون ذاتي وصفاتي وحركاتي وسكناتي في محبّته وطاعته ومتابعة طريقته حذو نعل بنعل تصريحا وتلويحا فهو أبي وأمّي وأصلي وفرعي وسندي وعمدتي وحُجّتي وظاهري وباطني وإنّي ألقيت له ﭐلقياد وﭐلعصى وحبست عليه عمري وعقلي وروحي وفكري فلا أفكّر في غيره ولا أستمدّ قطرة من غيره فهو روحي وأصل سعادتي وإنّي أخذت عنه به لِوَجْه ربّي فـﭑلله يكرمني بِقَبُولِه وهمّته وإغارته وعلمه آمين. فنطلب من ﭐلله أن يَدخل كلّ من ﭐنتسب لي في سلكه من ﭐلأزواج وﭐلأولاد وﭐلأحباب فـﭑلله يقبلنا في حضرته ثم ﭐعلَم أن ﭐلمعبود هو ﭐلله فـﭑلشّيخ يدلّ عليه فـﭑسترحنا ممّا أتعبنا قبل ﭐلدخول في سلكه … هذا هو ﭐلشّيخ ﭐلبعقيلي مع شيخه ﭐلتّجاني رضي ﭐلله عنه وأرضاه وكذلك وجهته واحدة مع قدوته سيّدنا ومولانا ﭐلحاج ﭐلحسين ﭐليفرني رضي ﭐلله عنه. قال فيه « قال لي مولانا ﭐلشّيخ هذا أستاذك فقصّر عليه همّتك » فـﭑقتصرت على سنده لقول ﭐلشّيخ رضي ﭐلله عنه … وهنا وقفة تأمّل … هذا ﭐلكلام، ﭐلحاج ﭐلأحسن لم يُعظّم فيه ذات ﭐلشيخ ﭐلتّجاني أبدا بل عظّم ﭐلله فيه وكلّ عارف يقرأ ﭐلله فيه ويراه ويسمعه أي أنّها كلمة تتجلّى فيها ﭐلمعرفة ﭐلإلاهية وﭐلحقيقة ﭐلمحمّديّة في ذات ﭐلشّيخ سيّدنا أحمد ﭐلتجاني رضي ﭐلله عنه وأرضاه وهو وليّ ﭐلأولياء وقطب ﭐلأقطاب وهو ﭐلمدد ﭐلمحمّدي وﭐلسّند ﭐلربّاني. وأبناءه هم أبناء رسول ﭐلله صلّى ﭐلله عليه وسلّم كما أنّ فقراءه هم فقراءه وتلاميذه هم تلاميذه وكلّ من بايعه إنّما بايع ﭐلنبّي صلّى ﭐلله عليه وسلّم وكلّ من وضع يده في يد ﭐلشيخ إنّما وضع يده في يد رسول ﭐلله صلّى ﭐلله عليه وسلّم ودخل ﭐلحضرة ﭐلمحمّديّة وهي حضرة ﭐللاَّ أنا وﭐللاَّ غرض وهي ﭐلحضرة ﭐلإلاهية.

وكلّ من سلّم للشّيخ فإنّما هو يسلّم أمره لله ويتوكّل عليه كما قال في آخر كلمته « اِعلم أن ﭐلمعبود هو ﭐلله فـﭑلشيخ يدل عليه ». ولا يكون ﭐلمسلم مسلما إذا لم يسلّم أمره لله ومن سلّم أمره لله سلم من شرّ ﭐلنّفس وﭐلغرض وأصبح مسلما سالما ومن لم يسلّم أمره لله كان عبدا للنّفس وﭐلغرض وإن كان ساجدا راكعا ذاكرا لله بـﭑلّليل وﭐلنّهار ومن سلّم أمره لله سلك طريق ﭐلحقّ وﭐلهداية وهو طريق الله وهو ﭐلطّريقة ﭐلتّجانيّة ﭐلأحمديّة ﭐلمحمّديّة ومن لم تكن له واسطة وشيخ مربِّي عارف بـﭑلله من أهل ﭐلطّريقة يتبعه ومن لم يبايع ﭐلشّيخ أحمد ﭐلتّجاني رضي ﭐلله عنه وأرضاه ولم يتّبع سنده ولم يشرب من مشربه ﭐلصّافي لم يعرف ﭐلله حقّ معرفته وكلّ وليّ من ﭐنبعاث سيدنا آدم عليه ﭐلسّلام إلى يوم ﭐلدّين هو يستمدّ من ﭐلقطب ﭐلمكتوم وﭐلبرزخ ﭐلمختوم سيّدنا ومولانا أحمد ﭐلتّجاني ولا يكون ﭐلقطب قطبا إلاّ بإذنه رضي ﭐلله عنه وهذا ما كوشف به وعرفه وعلمه وتحقّقه ﭐلشيخ ﭐلبعقيلي فسلّم أمره لله وﭐتبع ﭐلطّريقة ﭐلتّجانية ﭐلمحمّديّة وسلك طريق ﭐلصّحابة وﭐلأولياء لأنّها ﭐلطّريق إلى ﭐلله ومن دخلها وﭐتبع ﭐلشّيخ لله قضى ﭐلأمرين وحَفِظ ﭐلثّقلين وحُفِظ من ﭐلثّقلين. • فأمّا ﭐلأمرين ﭐلّلذان قضاهما فهما طاعة ﭐلله ورسوله صلّى ﭐلله عليه وسلّم. وهما ﭐلغاية وﭐلمراد لكلّ مسلم. • وحِفْظُ ﭐلثّقلين : وهما كتاب ﭐلله وآل بيت رسول ﭐلله صلّى ﭐلله عليه وسلّم « تركت فيكم ما إن تمسّكتم به لن تظلّوا بعدي أبدا كتاب الله وعِترتي » • وحُفِظَ من ﭐلثّقلين : وهما عاَلَمُ ﭐلإنس وﭐلجان فمن كان من ﭐلطّريقة ﭐلتّجانية حفظه ﭐلله تعالى ببركة ﭐلشّيخ رضي ﭐلله عنه ولا يقدر عليه إنس ولا جانّ إلاّ بإذن ﭐلله وحتىّ إن ﭐبتلاه ﭐلله فإنّه محفوظ بحول ﭐلله وربح في ﭐلدّارين ربح ﭐلرّاحة وﭐلطّمأنينة في ﭐلدّنيا لأنّه عرف طريق ﭐلحقّ ولذا قال فـﭑسترحنا ممّا أتعبنا قبل ﭐلدّخول في سلكه وضمن لقاء وجه ربّه في ﭐلآخرة لأنّه يُعدّ من ﭐلسّابقين ﭐلّذين بشّرهم ﭐلله. في قوله تعالى : بسم ﭐلله ﭐلرّحمن ﭐلرّحيم «وﭐلسّابقون ﭐلسّابقون أولئك ﭐلمقرّبون» صدق ﭐلله ﭐلعظيم (ﭐلواقعة ﭐلآية 10 و 11) فـﭑلفقير ﭐلتّجاني لا يسعى إلاّ للقاء وجه ربّه ﭐلأعلى وتستوي ﭐلأمور عنده وتكون ﭐلوِجهة واحدة وهي ﭐلطّريق إلى ﭐلله وﭐلابتعاد ممّا سواه ومن لم يكن له شيخ عارف بـﭑلله قائم على تربيته لن يفهم هذا أبدا. وﭐلأصل في هذا أنّه لن يعرف أحد ﭐلله بدون واسطة لأنّ ﭐلوسائط هم ﭐلّذين يعرفون ﭐلله ويعرّفون به فـﭑلأنبياء وﭐلرّسل وسائط وﭐلكتب ﭐلسّماويّة كذلك وﭐلصّالحون وﭐلعارفون بـﭑلله وسائط وكلّ ما يدلّ على ﭐلله فهو واسطة بين ﭐلخالق وﭐلمخلوق ككلّ ما خلق ﭐلله فإنّها تدلّ على ﭐلله وبعد رسول ﭐلله صلّى ﭐلله عليه وسلّم وكتابه ﭐلعزيز وﭐلصّحابة رضي ﭐلله عنهم و خير واسطة بُعثت بعدهم هو ﭐلشّيخ ﭐلتّجاني رضي الله عنه وسنده من أقطاب ﭐلطّريقة ﭐلتّجانيّة وعارفيها رضي ﭐلله عنهم جميعا وعن أهل ﭐلله أينما كانوا. هذا بعجالة ما جاء في كلمة ﭐلبعقيلي على شيخه ﭐلتّجاني من ﭐلأبعاد. وهذه ﭐلأبعاد نَفسُها هي ﭐلّتي شربها شيخنا ﭐلقماري رضي ﭐلله عنه وأرضاه وأتقنها إتقانا كبيرا وكان متيقّظا في عدم نسيانها حتىّ ظهرت في سلوكه وتربيته وتجسّدت في مواقفه. فأقول بأنّ ﭐلخصوصيّة فيه أنّه كان رضي ﭐلله عنه شديد ﭐلتمسّك بأقوال شيخه ﭐلبعقيلي وأقوال شيخنا مولانا أحمد ﭐلتّجاني رضي ﭐلله عنه وأرضاه.

أخذ شيخنا ﭐلقماري كلام شيخه ﭐلبعقيلي مأخذ ﭐلجِدّ بل وجميع حركاته وسكناته مأخذ ﭐلجِدّ. ولم يشكّ أبدا في أيّ نفس من أنفاس شيخه فكلّ ما خرج منه إلاّ وتلقّفه بلهفة وقبول وتصديق فلا تسمع منه إلى آخر حياته إلاّ قال لي ﭐلفقيه نهانا ﭐلفقيه، أمرنا … وهذا ﭐلتّصديق هو ما كان من مقام سيّدنا أبو بكر مع رسول ﭐلله صلّى ﭐلله عليه وسلّم. « ما فَضِلَكُمْ أبو بكر بكثرة صيام ولا صلاة ولكنّ بشيء وقر في صدره ». وما وقر في صدره هو معرفة ﭐلله وهو ﭐلتّصديق. ولذا كان ﭐلقماري من خِيرَةِ تلاميذ ﭐلبعقيلي وكلّ شيء كان يقول اِمشي لِسِي ﭐلقماري وقال له « نحن إخوة ذات واحدة » ومدحه فقال « ولقد نَزَّلْتُ فلا تَظُنّ غيره مِنيِّ بمنزلةِ ﭐلـمُحبِّ ﭐلـمُكرَّمِ » وقال له « فأنت نور أبصارنا وأنت ولد ﭐلرّوح » الخ … وهذا ﭐلمدح هو مغاير لمدح آخر يجري في رسائله لكنّه قصد به تعظيم ﭐلمتلقّي حتىّ يسلم له ويربح منه وهو صحيح لكنّ مَدْحُه للقماري إنّما فيه إعلام بمقامه عنده وبما يؤول إليه أمره من بعده. هذه ﭐلخصوصيّة ﭐلعظمى هي ﭐلّتي ربح بها من ربح وهي كمال ﭐلتوجّه إلى ﭐلقدوة فكان شيخنا ﭐلقماري رضي ﭐلله عنه كلّ ما قاله له ﭐلبعقيلي إلاّ وجعله دينه عُمُرَهُ كلّه وما دعى له به قطع بأنّه واقع حاصل لا محالة فيه وما كتبه في كتبه جعله وﭐتّخذه حقّا حرفا بحرف معنى بمعنى حتّى صارت ﭐلمعاني تتلاطم عليه من كلام ﭐلفقيه كـﭑلأمواج ﭐلمتتالية حتى غرق في ذوق بحور شيخه بصفاء محبّة وتوجّه ممّا لا مطمع فيه إلاّ لمن ماثله في ﭐلتّوجه وﭐلصّدق. فإن ﭐعتقدت أنّه قطب فرد جامع خليفة عن ﭐلله وعن رسوله رضي ﭐلله عنه مجدِّدا للدّين فكيف لا تأخذ بأقواله جميعها جملة وتفصيلا. فإن لم يعجبك قول واحد فهي كُزَازة في شيخك. « ولا تُقَدِّمَنَّ عليه قبل ﭐعتقادك أنّه مربٍّ ولا أولى بها منه في ﭐلعصر… فإنّ رقيب ﭐلالتفات لغيره يقول لمحبوب ﭐلسّراية لا تسري ». فمن لم يقصّر همّته على قدوة تشتّت قلبه بين أقوال ﭐلعلماء وﭐلعارفين ولا يربح غالبا وأمضى عمره في ﭐلظنّ لا في ﭐلعلم. فيضيّع وقته في ﭐلبحث وﭐلتّدقيق وﭐلتّحقيق بينما جمع له شيخه كلَّ ذلك جمعا متقنا فعوض ﭐتّباع شيخه وإتقان عبادة ربّه يبقى يبحث ويبحث فيكون غالبا خامل ﭐلذّوق نازل ﭐلمرتبة إلى حدّ ﭐلمراقبة. فلو توجّه إلى شيخه وقدوته بهمّة قاطعة وأخذ كلامه وتصريحاته وتلويحاته مأخذ ﭐلتّصديق ﭐلّذي لا يأتيه ﭐلباطل من بين يديه ولا من خلفه لِحَمَلَهُ شيخه من ساعته إلى مقام ﭐلمعاينة. وهذا ما صرّح به ﭐلقماري قال « فكلّ من كلّمته إلاّ وﭐتّبعني ببركاته وأتعرّض إليه وإن كان عالما لأنّه يبرز لي من ﭐلحقائق في كلّ كلمة ما لا يُعدّ ولا يُحصى من ﭐلحقائق …. » هذا سببه أن بعض ﭐلفقراء قال له سيّدي ﭐلأحسن بدّل لينا ﭐلفقيه ما نحبّوش سي قمار فقال لهم سبحان ﭐلله : لا تجدون مثله ولو ذهبتم إلى فاس وقال له سيّدي محمّد بغيت تبقى معانا أو تذهب إلى زاوية كذا فقال له أنا لا أعرف إلاّ ما بغيته أنت فضمّه إليه ثلاثا قائلا ﭐلله يرضى عليك يا ولدي ثلاثا ففي تلك ﭐلّليلة أحسّ بقلبه يدور مثل ﭐلرّحى ثمّ فُتح له في كلّ شيء … وممّا سَنَّه رضي ﭐلله عنه قراءة ﭐلإراءة وسوق ﭐلأسرار وﭐلشّرب ﭐلصّافي وﭐلجواهر وﭐلحديث سردا بعد ﭐلوظيفة مباشرة كلّ يوم وكان في أوّل أمره يفسّرها عندما كان ﭐلفقراء قلال أماّ بعد ما كثروا فإنّ همّته ﭐلنّافذه بـﭑلله كانت تسرى سريان ﭐلماء في ﭐلشّجرة. فتفعل بـﭑلله في قلوب ﭐلفقراء من ﭐلفهم ﭐلغزير ﭐلواضح وﭐلذّوق ﭐلجليّ ﭐلصّافي ﭐلصّادق ﭐلعجب ﭐلعجاب. فما يخرجون من ﭐلزّاوية إلاّ وكأنّهم يمشون بين سماء وأرض. وكذلك أنّه كان لا يترك حضور ﭐلوظيفة جماعة أبدا عملا بقول شيخه ﭐلّذي جعل ﭐلجماعة صلاة ووظيفة شرط من شروط صحّة ﭐلّدخول في ﭐلطّريقة.

هذا إخواني بعجالة بعضُ كلمات عن ساداتنا رضي ﭐلله عنهم وأرضاهم وإنّما تكلّمت مع أنّني لست من أهل ﭐلعلم فما تكلّمت إلاّ بلسان ﭐلمحبّة ﭐلّتي لا أدّعيها ولكنّ ما أفاضه ﭐلله على قطبنا ﭐلبعقيلي بوساطة مولانا وشيخنا أحمد ﭐلتّجاني يُليّن ﭐلحديد ويُنطق ﭐلجماد ويُصيّر ﭐلّلصوص من أجلّ ﭐلعارفين بـﭑلله تعالى. كما قال رضي ﭐلله عنه « فمنذ ﭐنقاد إلى ﭐلقطب ﭐلتّجاني بكليّته حمله من ساعته إلى مقام ﭐلمعاينة » ولله ﭐلحمد على أن سمعنا بهم وأخذنا عنهم وجعل ﭐلله محبّتهم في قلوبنا فسلّمنا لهم لوجه ﭐلله ولوجه نبيّه صلّى ﭐلله عليه وسلّم فصار تسليمنا لهم تسليما للشّيخ فمن ﭐنقاد للقطب ﭐلبعقيلي بكليّته حمله من ساعته إلى مقام ﭐلقربة وﭐلمعرفة ﭐلتّامة فيقول له ها أنت وشيخك. فيأمره ﭐلشيخ بمزيد ﭐلبرور به حيّا وميّتا الخ أنظر ﭐلإراءة … نسأل من ﭐلله تعالى أن يسبل علينا ستره ﭐلجميل ويحفظنا في ديننا ودنيانا ويُقبل علينا بمحض فضله ورضاه ويُثبّتنا ويستر أحوالنا وعيوبنا ويجعلنا من عباده ﭐلمقرّبين آمين. ويجازي عنّا جميع أحفاد ﭐلقطب ﭐلمكتوم رضي ﭐلله عنهم وأرضاهم وأن يجازي عنّا أولاد وأحفاد عالمنا ومربيّنا ﭐلبعقيلي ويجازي جميع أصحابه بما هو أهله وأخُصّ بـﭑلذّكر أستاذنا وقدوتنا سيّدنا محمّد ﭐلكبير جازاه ﭐلله كلّ خير فسبحان من سخّره لنا مرشدا ومربيّا شيخا واصلا وأخا ناصحا مع كونه مهيم في ذات ﭐلله هيمانا تامّا مع ﭐلصّحو وﭐلبقاء ﭐلّلهم بارك لنا في عمره وﭐرزق ﭐلجميع ﭐلصّحة وﭐلعافية، ﭐلّلهم إنّا نسألك من خير ما سألك منه سيّدنا محمّد صلّى الله عليه وسلّم ونعوذ بك من شرّ ما ﭐستعاذ بك منه سيّدنا محمّد صلّى الله عليه وسلّم، ﭐلّلهم إنّا نسألك من ﭐلخير كلّه عاجله وآجله ونجّنا من ﭐلشرّ كلّه عاجله وآجله. سبحان ربّك ربّ ﭐلعزّة عمّا يصفون وسلام على ﭐلمرسلين وﭐلحمد لله ربّ ﭐلعالمين.

كـتـبـه
ﭐلـحاج ﭐلحـبـيـب بـن حـامـد ﭐلـتّـونـسـي
فـي 8 شـوّال 1427
لـطـف ﭐلله بـه فـي ﭐلـدّاريـن آمـيـن
فيضيف سيدي ﭐلحاج محمّد ﭐلكبير بقوله :
وقرأه للتّـسجـيـل ﭐلسّـيـد ﭐلفـقـيـه ﭐلعـالـم
سيّـدي عـبد ﭐلعـزيـز ﭐلسّـكـانـي رضـي ﭐلله عنه

ألقيت بمناسبة ذكرى وَالِدُنَا وهو إعادة لمواضيع التي سمعناها بعد ما نسيناها أوحتّى لم نتذكرها قط وهذا هو المعروف عند الناس لمّا تكون الأمور متيسرة عندهم والقائمين حاضرين دائما إنهم لا يعيرون الأمر اهتماما والدليل على هذا أن كلّ ذكرى من ذكريات الوالد تمرّ لا نجد الغد من يتحدث أو يتكلم عن مغزى المواضيع التي قيلت كأنّ شيئا لم يُسمع ولم يُقرأ مع أنّ أولائك الذين يُسهرون أجفانهم وأقلامهم في تحبـير موضوع مع أن ذلك يأخذ منهم جهدًا وتفكيرًا ووقتًا ورُبَّمَا حتى سهروا الليل لأجل أن يهيئوا موضوعا معيّنا سيّما إذا كانوا يتحدثون فيه عن شخصية من الشخصيات، و أصعب ما يمكن أن يتحدث عنه الإنسان هو أن يتحدث عن شخصية قد يتحدث الإنسان عن أحكام شرعية سهلة لكن يتحدث عن شخصية من الشخصيات وأثرها وفعلها وانفعالها وما تركت من أثر سيما إذا كانت شخصية ليست لها جانب واحد يمكن أن نتوجه له لذلك آثرنا أن نعيد تلك الكلمات للسماع فقط حتى الإنسان ربّما الناس يرجعون إلى الوراء ينظرون مدى تأثير ما سمعوا وهل لازالوا يعون هذا الأمر أو لا يعون لأن الناس يكونون في مجلس وفي مجمع ولكنهم غائبون ويعتبرون تلك الكلمات كأنّها شيء ربّما ثقيلة عليهم في ذلك الوقت مع أنّه أولائك الناس الذين هم كتبوا وحَبَّروا ذلك الأمر وإنّما حبَروه من قلوبهم ومن مداد أرواحهم ومن صفاء عقولهم وسهروا فيه وقت ولو كانت كلمة فيها صفحة واحدة تحتاج إلى تركيز عظيم وبحث وتوجه حتّى يستطيع الإنسان أن يتابع ذلك الأمر لكن الناس الذين يكونوا دائما مقرّبون يعتبرون كأنّ ذلك الشيء كأنّه من المتعارف عليه والمألوف الذي لا ينتبه إليه ولا يسأل عنه بعد حتّى لا يسأل يقول مثلا كلمة التي قالها فلان فيها كذا أو فيها كذا أو كذا لا نجد هذا في مجالسنا أبدا ولكن نجده في الخارج الناس يفهمون أكثر على بعد وناس يسمعون وينتضرون وقت الخروج ولا يعيروا للعلم ولا لمكانته ولا لشرفه و لا لأولئك الرّجال النخبة التي فكرت وأنشأت وكتبت وسهرت وتعبت وعملت في كيف أنّها أوجدت ذلك الكلام صعب الإنسان أن يكتب، صعب الإنسان أن يكتب ويكون في كتابته السلامة إلاّ إِلِّي هو أعطى قلبه وعقله ونفسه وروحه لذلك الموضوع بصدق لذلك يجد الإنسان الإعانة والقوّة والصّفاء في إيجاد تلك المواضيع فنحن إذا أخذنا هذه الكلمة التي قيلت منذ عامين مؤلّفها هذه فيها من الكلام في الشيخ والشيوخ ما أحنا لا ننتبه أحنا كَمَنِنْتَبْهُوش (أحنا مع بعضنا لكن منعرفوش) كنمرّوا نمرّ عليه مرور الكرام لماذا لأنّه قدّامك كلّ شيء قدّامك حتّى حاجة ما زال ما ضاعتش منكم باقي السلسلة مشدودة باقي هذاك كنهار مات هذا وغدا يموت هذا ونكونو أحنا موجودين إذا أحنا قراب وكلّ ما كان في مكان واحد الشيء إلاّ وكان من وراء حجاب والذين يقدّرون الشيء هم البعداء هذوكم بعاد لأن هذوكم متشوقين ويحبون ذلك ولكن مشقة البعد والشّـُقّة حالت بينهم وبين ذلك لذلك نجد النور البرق يُرى في مكان بعيد قبل ما يكون الرّعد إنما تكون … هذاك نسمعوها …. مرّت الذكرى ونجتمعوا أربعةأو خمسة أوّ عشرين وقالوا لنتذاكر في ذلك الشيء الذي سمعناه في تلك الذكرى ونعقدوا عليه ندوة ونجلس ونتكلم وماذا قال فلان وماذا فعل فلان ونشوفو هذه المواضيع ونتحدّث ونرجعو لهذا الشيء، الشيء كله كيدوز (ينتهي) بعد ما نأكل ونشرب، كلّ شيء انتهى … ولكن الله تبارك وتعالى قال « نُ وَالقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ » فبكلمة « نُ » حفظ الله تبارك وتعالى الكلام المتين الكلام الصادر عن أهله بالقلم، والقلم حَفظ كل ما يراق منه من السطور وكانت الكتابة الحمد لله هي كتحفظ لينا هذا الأمر وتكون مرجعا لنا نرجع إليها عندما تغفل النّاس وعندما ينسوا الناس وعندما يفهم الأمور، فتمشي الكتابة فتقول كيف هذا الشيء قيل؟ ! كلّكم كنتم حاضرين واحد يقولي كلمة واحدة! لكن هذا هو الشيء المفقود عندنا ونسأل الله تبارك وتعالى أن يأخد بأيدينا وينبهنا إلى …. آمين، سبحان ربّك ربّ العزّة عمّا يصفون و سلام على المرسلين و الحمد لله رب العالمين