من توصيات و توجيهات سيدي محمد الكبير رضي الله عنه في ملتقى سيدي الحاج الأحسن رضي الله عنه شوال 1432 هجري
هذا الذكر الرابع و ستون لوفاة القطب العارف سيدي الحاج الأحسن البعقيلي رضي الله عنه 1368 1432 ه
الحمد لله و هكذا و المقصود أننا نتعارف و نتبضّع بعضنا من بعض و نفتح السوق للشراء و للفضائل و الأعمال الصالحة و الكلمات الطيّبة و لرسوخ أقدامنا في مهمّة و كذلك مقصود سمعنا من هنا و سمعنا من هنا و الكلام هو يشّد بعضه البعض و العبارة تكمّل بعضها البعض فما خرجنا إلا بنتيجة طيّبة مرضيّة مطمئنة على أنّ الحمد لله الإخوان كلهم على بيّنة من أمرهم وعلى هدى من ربهم و أنّهم يعلمون ما يعملون و إنهم إنقادوا بعد ما عرفوا فسَهُلَ عليهم الطريق و لانت لهم الأحوال و صَفت الأنفس و ترّقت إلى معارجها. الحمد لله بالإتباع و الإقتداء و بالسرّ و الطاعة و العمل الدءوب العمل الصالح الذي لا يشوبه شائبة من النفس إن الذي يجعلنا و يجعل النّاس أنّهم يقول إنّني أسمعه في الحديث و لكن لا نجد لذة فيه و لا نجد إعتبارا منه و سببه هو نفسه التي حجبته عن هذا الأمر لو دخل الإنسان بهمّة صافية و قصد سليم و نظر إلى ذلك المرشد أو ذلك العالم بنظرة سرور و نظرة فرح و ونظرة اللقاء به و نظرة محبة فإن ذلك النور يُضيء القلب و ينقشع في سرائره و ينصبغ به و يصير يرى ذلك العلم الذي هو سمع بأذنه مجردا يراه كهيئة أي هيئة يراها لأن النظر هو قصر الهمّة لأن قصر الهمّة هي شرط من شروط الطريقة، قصر الهمّة، همتّك عزمك، صدقك، توّجهك عملك الباطني يعني تجعله في مسار واحد له مبدأ و له نهاية مبدئه التعرّف و نهايته المعرفة. إذا قصر همته بهذه الكيفية على نفسه أيضا بحيث يصلحها و يهذبها من المكامن الصعبة من الرياء الخفي من الشيء الذي لا يحسبه الإنسان إلا كدبيب النمل في باطنه ثم بعد ذلك وجد من يعدّله و من يهذّبه و من يُرقيه في ذلك فعليه أن يُقصر همته عليه بنيته و بقصده بحيث لا يحيد عنه كيف ما كان و من ثم يصير ذلك التوّجه هو الذي يسري به المدد إلى ذلك المريد الذي قصّر همته يسري المدد من الشيخ بقصر همّته لأن قصر الهمّة هي قصر القلب نور القلب نور البصيرة نور السرّ نور الباطن على نور الباطن و على قلبه و على عقله و من ثم يصير الإنسان يستمد و يحصل له مدد من غير أن يحس و يشعر فيزيد ذلك المدد ساريا فيه و في كيانه و في عقله و في لسانه و في قلبه و في حركاته و في سكناته و في كلّ توجهاته لذلك كان قصر الهمّة هو جعل كل أنوار قلبك متجهة إلى أنوار شيخك إلى طريقتك إلى وردك إلى وظيفتك إلى قدوتك إلى السمع و الطاعة. كان هذا الركن من أهمّ الشروط التي يتقيّد بها يربح كثيرا و الذي لا يتقيّد بذلك يخسر كثيرا هو هذا السر العظيم كلمة قصر الهمّة تكلّم فيها و تكلّم العارفين ثم أجملها في أن تُقصر نور قلبك أي نور بصيرتك لا نور ظاهرك على مربيّك لتستمد منه من غير أن ينقص من مدده شيء بل يزداد لكن إذا قصّر الإنسان همّة ظاهره فقط على شيخه فإنه يكون جرد نفسه من غرض شيء معيّن يحصل عليه أو لا يحصل عليه، يحصل عليه أو لا يحصل عليه فإن حصل عليه إنقطع بمفارقته لشيخه و إن لم يحصل عليه ندم لمفارقته لشيخه لكن قصر همّة الباطن يسير في مع الإنسان في حياته و مماته، في الحياة و في الممات، في الحياة و الممات، المدد، المدد، المدد في الظاهر و المدد في الباطن المدد في الدنيا و المدد في الآخرة و الذي يريد أن يأخذ فقط لنفسه لغرض نفسه يأخذ لكنه لا يمكن أن يذوق الألفاظ و العبارات و الكلمات و لكن لها خاصية و هي الذوق و لا يمكن أن يصل إليه أبدا و من هنا كان عندنا كل أمر يتعلق بقصر الهمّة لا ارتياب و لا شكّ و لا تزحزح و لا منّة و لا انقياد للغير و إنما هو عرفت فألزم، عرفت فألزم هذا هو مذهبنا و مبدأنا و منتهانا أنك عرفت فألزم يَا حَارِث كَيْفَ أَصْبَحْتَ ؟ ” فَقَالَ أَصْبَحْتُ مُؤْمِنًا حَقًّا ، فقَالَ له صلّى الله عليه و سلّم يا حارث : ” انْظُرْ مَا تَقُولُ لِكُلِّ حق حَقِيقَةً ” فما حقيقتك؟ حقيقة الشيء هي سرّ ذلك الشيء و بيانه و توضيحه في حدود لا تقبل الدخول و لا الخروج الحدّ هو الجامع المانع الذي لا يدخل فيه و لا يخرج فما حقيقتك؟ فما حدّك؟ فما ماهيتك؟ فما سرك؟ فماذا تقول؟ إذا عطى نفسو واحد الشيء خصّو يعطي بهمته الكاملة، بهمته الكاملة بحيث كيما يقولوا العلم إن أعطيته كلّك أعطاك جلّه إن أعطيته كلّك أعطاك جلّه و كل شيء إن أعطيته كلّك فلا بد أن تأخذ جلّه و جلّ جلّ اليوم و جلّ جلّ الثاني و يكبر ذلك حتى يصير ذلك جبال و جبال داخل الإنسان من دون أن يحس كيف دخلت و من أين دخلت كل ذلك بفضل النور الذي في القلب الذي وجه إلى النور فكانت الأنوار تتبادل مع بعضها تأخذ و تعطي و تعطي و تأخذ و هكذا فما حقيقتك يا حارث؟ قال عطشت نهاري و أسهرت ليلي و رأيت ملك النّار و رأيت أهل الجنّان يتنعمون في جنانهم و رأيت أهل النّار يتضاغون في نيرانهم هذا فتح الذي قال عليه السيد هذا فتح لكن المراتب ليست هي المقصودة و المقصود من المراتب هو معرفة الله و أنّ تعرف أنّك عبد و كلّما ازداد الإنسان علما كلما ازداد فقرا لأن بالفقر نتوّسل إلى الله بفقرنا نتوّسل إلى الله و كل إنسان بفقره و ذلّه و مسكنته فهو في عبادة عظيمة مع ربّه لذلك قال له عرفت فألزم هذه نفسك ألزم معرفتك حيث عرفت هذا الأمر ألزم عبادتك ألزم قربك من الله ألزم العمل إياك أن تكون عرفت فتأخذك العزّة بنفسك فتقول أنّي وصلت و لا أحد فوقي و لا أحد يستطيع أن يواجهني فأنا الكل في الكل و هذا هو العُجب المذموم العجب الذي يدخل في أعظم الكبائر من الذنوب ذلك إلزم نفسك عليك بخويصة نفسك أي إعمل أنت و سر في عبادة ربّك و لا تغتر بهذا الأمر فهذا فتح هو فضل من الله كرامة من الله أُعطيتها فعليك أن تشكر الله و بكيفية شكر الله أن تسير في طاعة الله بفقرك و عزّك و ذلّك فتكون موصوف بأوصاف العبودية الكاملة التي هي و لذلك في بيت الشعر و مالي إلا الفقر إليك وسيلة هذا هو الفقر كل إنسان عرف أو ساد إلا و يزيد سكونا و يزيد ثباتا و يزيد علما و يزيد تقربا إلى الله و لذلك قالت مولاتنا عائشة لسيّدنا رسول الله صلّى الله عليه و سلّم لماذا تُجهد نفسك و تتعبها و قد غفر الله لك ما تقدّم و ما تأخر ماذا قال؟ هل الإنسان تطغيه النعمة؟ هذه النعمة من الله تطغيك؟ تخرجك عن ربّك؟ تخرجك عن عبادتك؟ لا بالعكس ستزيد في معناك و تقوّي عقيدتك و تُصلح نفسك و تُصلح من شأنك و تصير عابدا لمولاك حقا و لا تكون عابدا حتى تتصف بهذه الأوصاف الفقر و الذلّ و المسكنة و أن تعلم أن لا أحدا يقصد في المهمات غير الله كل هذه الوسائط هي وسائل جعلها الله تبارك و تعالى دُرج تتدرج بها العلماء العارفين و الرسل و الأنبياء و المشايخ كلها درج نتدرج منها و بها لنصل إلى معرفة الله تبارك و تعالى ألا أكون عبدا شكورا و أعبد ربّك حتى يأتيك اليقين حتى تأتي الموت لا غفلة تلم بك و لا إعتناء بنفسك إلا في موالاتك توالي ربّك في طاعته فيواليك هو بعنايته و رحمته و إفضاله و إكرامه فالكل و الحمد لله على بيّنة من أمرهم لكن الوساوس والنفس التي لا تموت نفس الإنسان التي بين جنبيه هي لا تموت حتى تخرج الروح من آخر ظفر عند إذن تموت النفس أما ما دامت النفس بين جنبي الإنسان فهو دائما معه عدو عدو يحترس منه يخاف الإنسان على نفسه من المزالق الكثيرة التي تأتي من الغرور، الغرور بالنفس مهما عمل الإنسان مهما قدّم مهما صلّى مهما تصدّق مهما حجّ مهما عمل الكثير لكن يمكن ذلك كله أن يذوب في لحظة نفس واحدة كل ذلك يذوب عندما تهيج النفس و تجري في العروق و في الدم و تقودك من جديد فتخرجك مما وجدت و من علمك و من معرفتك و من صحبتك و من صدقتك و من تقواك في لحظة واحدة يقع الإنزلاق سيما أهل الله، أهل الله المراقبون و يحاسبون على الذر و يأخذون بالذر لا يمكن للإنسان أن يكون فقيرا أن يكون ذاكرا و مازال فمه ما ترباش باقي يتكلّم كلام السفهاء لا يمكن الإنسان أن يكون ذاكرا لله لا يمكن للإنسان أن يكون مصّليا و هو يتوجه إلى الله و هو مازال جوارحه كتغلبو لا يمكن الإنسان أن يكون صائما و هو باقي ما يعرفش الفقير من غيره.
إذا كل واحد خصو يحسن من نفسو دائما في كل لحظة إياكم و الغضب قال صلّى الله عليه و سلّم لا تغضب لا تغضب لا تغضب و قال الصحابي كل الخير و جدته في هذه الكلمة لرسول الله صلّى الله عليه و سلّم إن الغضب هو منبع كل الرذائل، كل الرذائل تأتي بها الصبر عند الصدمة الأولى. بعض من النّاس واحد النهار ما عنداش باش يشرب قهوة ما بقاش يؤمن بالقضاء و القدر، واحد صبح ما عندو باش يشرب قهوة خسر كل شيء في لحظة واحدة لذلك دائما نحن مطالبون بالشرع، شرع الله دائما مكتوب في عقولنا نتلمسه أينما كنا و حيث ما كنا و في أي مكان كنا و مع أي كان كنا نكون دائما في الشرع .
سباب المسلم فسوق، سباب المسلم فسوق خروج عن الجادة أما قتاله أحنا ما نتكلموش عليه اللسان أن نحفظ لساننا أن نتعلّم الآداب أن نرى في مشائخنا أحوالهم أن نأخذ من أحوالهم نراقب أحوالهم لنستفيد من الأحوال حتى نسير في الطريق السليم السديد القويم، القويم لنكون هكذا.
إذا الحمد لله أحنا ما عندناش حاجة لكن لا بد ما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربّي و لا تزكوا أنفسكم خصنا تكون عندنا هذه فين ما كنا وين ما كنا حتى إذا واحد وجه لنا بندقية ليقتلنا نكون في ذلك الوقت مع الله ما نكونش مع أنفسنا لا نخاف من أنفسنا و لكن نخاف من الله لكن خصّنا لذلك الإخوان خصهم يعظموا مقدمهم و يعظموا علمائهم يعظموا بعضهم البعض كل واحد ينبغي له أن يرى نفسه دون أخيه سواء كان أكبره سنّا أو أصغره سنّا دون أخيه كل واحد دون أخيه ما يقولش أنا فوق منو و إلا أحسن منو و لا حتى بحالو هكذا نأخذوا أمرنا نحترموا مقدّمنا نحترموا مشايخنا نعظمهم نحترموا بعضنا البعض كل واحد منا إن رأى في أخيه و نظر نظرة ربانية رأى فيه صورة رسول الله صلّى الله عليه و سلّم و هذا إذا رأى فيه صورة رسول الله صلّى الله عليه وسلم كيف يستطيع أن يغيّر أخوه كيف يمكن له أن يغيّرو كل واحد منا إذا أمعن نظره في صدق في أخيه رأى فيه صورة رسول الله صلّى الله عليه و سلّم يتلألأ نوره بفلج أسنانه و بشعره إذا أحسن الظّن في هذا الأمر و لذلك باغي نأخذوا واحد القافلة و يكون الرئيس ديالها القدّام و أحنا تابعينها فين ما مشات أحنا معاها تلوات نتلوى معاها طلعت للجبل نطلعو مشى في الواد نمشوا مشى في الشوك نمشوا في الشوك مشى في الشمس نمشوا في الشمس و احنا قاعدين حتى نوصلو و إن إلى ربّك المنتهى هذا هو قصدنا كلّنا لا دنيا و لا آخرة و لكن قصدنا عندما نلقى الله نلقاه بقلب سليم بقلب سليم سليم سليم سليم من الأغيار سليم من الأغراض سليم من الحزازات سليم من الرعونات سليم من الكزازات سليم من كل مذموم مذموم مذموم يذمه و يمجه الخُلق السليم.
الحمد لله الجمع ديالنا جمع مبارك ملموم محبوب صلح لكن لا بد من الحذر لأن أحنا كنمشوا على واحد الأرض مطلية بالصابون أو قنطرة أحنا ماشيين مهما شدّينا رجلنا ممكن لينا إذا ما ردناش بالنا يمكن لنا نطيحوا لذلك علينا بالحذر الحذر في أمورنا الحذر في أقوالنا الحذر في سلوكنا الحذر في إسلامنا و القلوب هي مثل الزجاج إذا تكسرت لا يمكن لها أن ترجع إن القلوب كالزجاجة كسرها لا يجبر، الرسول صلّى الله عليه و سلّم يقول رأس العقل بعد الإيمان التودد إلى النّاس، رأس العقل بعد الإيمان هي التودد إلى النّاس و كيف تتودد إلى النّاس إذا ما تصلحش لسانك إذا ما تصلحش يدك إذا ما تصلحش رجلك إذا ما تصلحش حركاتك إذا ما تصلحش سكناتك إذا ما تصلحش أحوالك كيف تتودد إلى النّاس و أنت غافل عن نفسك لذلك يقول صلّى الله عليه و سلّم إبدأ بنفسك ثم بمن تعول ثم هكذا و هكذا ابدأ بنفسك عليك بخويصة نفسك حكها شوفها عاد تبدأ تتكلم في النّاس الأخرين تنصح في الناس الأخرين أو تقول شيء في الخلق إبدأ بنفسك ثم بمن تعول ثم هكذا ثم قال هكذا وهكذا يمينا و شمالا.
و نسأل الله تبارك و تعالى و لكم جميعا أن يفتح لكم بصيرتكم و يصلح أحوالكم و يبّصرنا بعيوبنا جميعا و يجعلنا ممن يعظّم الله و يعظّم رسوله و يعظم مشائخه و يُعظّم علمائه و يعظم كل فرد من أفراد هذه الأمة ذرّة ذرّة لأن كل هي مظاهر أسماء الله الذي يحتقر أو ينقّص من مخلوق كيف ما كان حتى حدّثهم منه فقد نقص من أسماء الله.
نسأل الله تبارك و تعالى أن يجعلنا ممن أحبّهم و أقبل عليهم و رضي بهم و رضوا عنه
اللّهم صلّ على سيّدنا محمّد الفاتح لما أغلق و الخاتم لما سبق ناصر الحق بالحق و الهادي إلى صراطك المستقيم و على آله حق قدره و مقداره العظيم
سبحان ربّك ربّ العزّة عما يصفون و سلام على المرسلين و الحمد لله ربّ العالمين
تقصير الهمة: كلمة سيدي الحاج الحبيب في ملتقى سيدي الحاج الأحسن رضي الله عنه شوال 1432 هجري
بسم الله و الصلاة على رسول الله صلّى الله عليه و سلّم و رضي الله عن سيّدنا و مولانا القطب المكتوم ،القطب المكتوم المعلوم الذي يزداد كل يوم كَتما بظهور أسراره في قلوب العارفين بالله تعالى تلاميذه و فقرائه و مربّين بالسند و الإذن و يزيد كل يوم ظهورا فيصبح معلوما أكثر لبشارة ظهور طريقته المحمّدية حتى يدخلها جلّ الأمّة أو كل الأمّة كما بشّر به رضي الله عنه و بشّر به جلّ خلفائه الأكارم لأن الطريقة التّيجانية إنما هي محض الدين الإسلامي الأصلي و هو كما قال سيدي بشير عمون رضي الله عنه قلب القضية كلّها التربية كيف نعبد الله بعد تعلّم الفقه، فقه العبادات و فقه المعاملات و الاعتقادات الواحد أو اثنان و خمسين كما ذكرها شيخنا سيدي الحاج حسن رضي الله عنه قال لابد أن يتلمّحها الإنسان دائما. كل هذا كيف نعبد الله على مستوى التوجه لله سبحانه و تعالى بدون غرض مع تقصير الهمّة على عارف، و لا يدخل أحدا إلى حضرة الله سبحانه و تعالى و إلى حضرة أسمائه و كل ما بعد ذلك إلا على يد صاحب الإذن الخاص هكذا الله سبحانه و تعالى أراد و كتب و قدّر في أزله و لا تبديل لذلك فمن أراد الدخول إلى حضرة الله و المعرفة في الدنيا حتى تكون له المعرفة في الآخرة فعليه بمربّ مأذون من الحضرة المصطفوية صلّى الله عليه و سلّم أو من حضرة الشيخ رضي الله عنه و أرضاه عيانا أو من حضرة بعض أكابر العارفين بأن يقول له أو يُقال له أنت مربّي و أقلّ ما يكون من المربّين كما ذكره الشيخ البعقيلي ستة مئة من الإنس و ثلاث مئة من الجان كلّهم على نفس واحد مع إختلاف الأذواق و أما المصب هو واحد.
نذّكر لربما من أجلّ المعرفة أن يُفتح للرجل أو للمرأة للإنسان في علم و أذواق شيخه و هذا بالنسبة لفهمي ،العبد الضعيف، من أكبر الفتح كما قال سيدنا و مولانا محمّد أقمار فإنه أصبح يتبّين لي من الحقائق في كل كلمة ما لا يُعدّ و لا يُحصى من الحقائق هذا لما نعيدها كما قال سيدي محمّد الكبير التبّرك بألفاظهم فقط و بأسمائهم يكفي يجعل النور نرجعلو إن شاء الله قال لما كنت مع الفقيه سيدي الحاج الحسن رضي الله عنه و أرضاه كنت أرسلني إلى زاوية من الزوايا أعلّم النّاس على الصيغة المعروفة في الزوايا قال و بعضهم لم يُحبني بعضهم يمكن إثنين قالوا للفقيه بدلنا سي أقمار قال لهم سبحان الله نبدللكم سي قمار؟ قالوا نعم قال سبحان الله لا تجدون مثله و لو ذهبتم إلى فاس قال سيدي محمّد بغيت تقعد معاي و إلا تمشي لزاوية أخرى قالو سيدي أنا ما نعرفش إلي بغيت أنت أنا بغيتو قال لما ذكرت له هذه الكلمة فقط ضمّني إلى صدره الشريف و قال لي ثلاثا الله يرضى عليك يا ولدي، الله يرضى عليك يا ولدي، الله يرضى عليك يا ولدي قال ففي تلك الليلة أحسّ بقلبي يدور كالرحى يتقلّب ثلاث قلبات ثم لم يقل فُتح لي لعظمة الأدب مع جميع الحضرات و لكن أشار لي هكذا بالنظر إلى السماء بيديه الإثنين الشريفتين كأنه أزاح شيئا و فهمت أنّه فُتح له قال فصرت بعد ذلك كل من وعظته أو كلّمته إتبعني ببركاته فكلّ من وعظته أو كلّمته اتبعني ببركـــــــــــاته و أصبح يتبّين لي من الحقائق وهو يعلم ما يقول يتكلّم عن الحقائق في كل كلمة ما لا يُعدّ و لا يُحصى من الحقائق هذا يعني في ما أفهم أنّه فُتح له في شيخه فشيخه هو سماء قلبه فأصبح يتجوّل أسمحو لي بتلك اللفظة ليست بعالما مثل سيدي محمد الكبير اللفظ فقط أصبح يتجوّل روحه و بصيرته أين؟ في روح شيخه و في أذواق شيخه فشارك شيخه فهومه و أذواقه فإذا قال سيدي محمّد الحبيب البعقيلي مثلا على سبيل اللفظ فقط قال في سبيل الحديث قال تبارك و تعالى قال في سبيل الحديث كذا كذا الله تبارك و تعالى فإن كان الإنسان يفهم في أذواق أشياخه لا بد أن تظهر له قوّة و مدى و بُعد عبودية هذا الرجل لله سبحانه و تعالى في هذا اللفظ فقط و كذلك شيخنا سيدي محمّد الكبير و هذا يعني ليس إطراء هذه حقائق هكذا الأمر هم رضي الله عنهم لا ينظرون إلى هذا انتهى العارف جُذب جذبة كلّية من كل شيء أنسه هذه المجالس لماذا؟يحب من يُشاركه أذواقه يفرح فقط لا ينتظر شيئا ، فإذا تركناه لحظة واحدة يصير إلى ما هو عليه دائما فبيننا و بينه حجب قبل أن ينظر إلينا ينظر إلى أشياء أخرى هكذا دائما و أبدا و ربما لو سكت كثيرا تضرر فلا بد من يتحدث معه و يتذاكر معه و يشاركه و يقول له و يسمع منه هذا يُفرحه و لا يقلقه أبدا فإذا قال المربّي كلمة هذا ما يعبّر عليه سيدي محمد الكبير قال بنور المجلس أنوار المجلس و أنوار الكلمات لماذا؟ لأنها من بركة و صدق هؤلاء الرجال كل لفظة كل كلمة تعبّر عما يخالج وجدانهم من المواجيد و المعارف و الفهوم و الأذواق في علوم الله سبحانه و تعالى تحت كل كلمة من كلمات القرآن أو آية أو حرف أو حركة أو سكون كل ما تحرّك أحد منا فقبل أن يدخل يقول يا ربّ سلّم يا ربّ سلّم و هم رضي الله عنهم يغضون بصائرهم عنا لهم قدرة و قوّة في نفس الوقت أن يكون يعلم كل شيء و في نفس الوقت لا يعلم شيء لأنه غريق، غريق المشاهدات فله هذه القوّة أن ينظر الشيء إذا أراد أن يعلمه يعلمه و لكنه يجعل بينه و بين ذلك حجاب لأن الله سبحانه و تعالى أمرهم أن يغضّوا بصائرهم كما نغضّ نحن عامة النّاس أبصارنا عن ما لا يصلح أن نراه فانظروا هذا التكريم الذين نحن فيه و هذا القدر الذين يقدّرون فيه و هذه النظرة الذين ينظرون فيها يعني رضي الله عنهم و أرضاهم
هذا ما يُسمّى في فهمي، أعوذ بالله من كلمة أنا، الفتح ، الفتح الربّاني هو إذا تكلّم المربي توضع الأقلام و تقف الألسن و يكون التلقي يعني من الباب الواسع مع استحضار النية في كل نفس لأن حجاب المعاصرة و حجاب المجانسة هما حجابان عظيمان إذا أضفناهم إلى الحجب الأخرى التي عندنا يعني لا ربما تبعدنا عن كنوز تبرز من حضرة العارف لا ربما لم نلتقطها و لذلك كان التسجيل و التقييد هو من أعظم ما يُمسك به العلم و لا بد الإنسان يجتهد فيه يعاود يقراه و يتذكره و ينتفع به و كذلك عدم الغفلة بين يدي العارف بالله تعالى و قد كنت نحكي أنا و سيدي عبد الغني على سيدي محمّد أقمار رضي الله عنه و تكلمّنا أن كيف قيل من قال لشيخه لما؟ سقط من عين الله تعالى. لماذا؟ لأنه إذا قال لما خرج عن نيته الأصلية التي بلغها ببركة نيّته في شيخه فقد نواه عارفا واصلا كاملا مكمّلا كلما توّجه إليه و عاهد الله سبحانه و تعالى على كمال إتباعه حذو نعل بنعل و أن لا يكثر عليه السؤال و أن لا يرجع عليه كلاما بقلبه و إلا فهو كزازة كما قال الشيخ البعقيلي رضي الله عنه و أرضاه تحجبه عن أنوار شيخه فإن قال لما فكأنه قطع ذلك العهد و تلك النيّة التي جعلها فوق كأنه أنزلها أسقطها فسقط مع نيته أسقط نيته قطع نيّته تلك و لو للحظة و لو لزمن وجيز سقط من عين الله تعالى أي مقامه الذي وصله ببركة نيّته في شيخه على أنّه كاملا مكمّلا موصل و أنّه في حضرة الله سبحانه و تعالى يعني إذا قطعه قطع نفسه و لو وقتيا و لذا كما قال الشيخ البعقيلي رضي الله عنه فمن قرأ سورة على ولي طَلق نقض العهد و طَلق في حضرة الشيخ رضي الله عنه و أرضاه جاو العلماء لسيدي محمد أقمار رضي الله عنه يقول طَلق أو طُلق؟ قال لهم لا، الفقيه قال طَلق طَلق أي طلق نفسه لا أطلق و لا طُلق و لا حتى شيء قال أنا نشوف فيها في الكلام الداخل قال ما تبداش تزيدها حرف من فوق و تزيدها كسرة و تحب تردها، قال خلّي العربية على شيرة قال الفقيه طَلق طَلق في حضرة الشيخ و إن كانت مستعملة أو غير مستعملة فالعلم كما قال رضي الله عنه هذا علم الأذواق و هيولي علم الأذواق ما دخليش فيه العربية.
خطب و دروس جامع الحمد